بين الإمام الطحاوي أن المراد بقوله جل وعلا:{وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ}[المائدة:٦٠] أي: أن من ضمن العقوبات التي أنزلها الله جل وعلا باليهود: أنه مسخهم قردة وخنازير على شكل القردة والخنازير التي كانت موجودة قبلهم وفي وقتهم. وليس المراد أن اليهود مسخوا قردة وخنازير لا على شكل خلق سابق لهم. كما أنه ليس المراد أن القردة والخنازير الموجودة اليوم هم من نسل أولئك اليهود الذين مسخوا قردة وخنازير، لأنه لم يثبت تناسلهم، وإنما هم من نسل القردة والخنازير المتقدمة في الوجود على اليهود الذين مسخوا قردة وخنازير.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة وهي: هل يكون للمسوخ نسل؟ على قولين:-
- القول الأول: أن الممسوخ يكون له نسل.
وعلى هذا القول: فإن القردة والخنازير الموجودة في الوقت الحاضر، هي من نسل اليهود الذين مسخهم الله جل وعلا قردة وخنازير.
- وهذا قول: ابن قتيبة - وأبي بكر بن العربي.
- ومن أدلة هذا القول:
١ - قول الله جل وعلا:{وَجَعَلَ مِنْهُمُ وَالْخَنَازِيرَ}[المائدة:٦٠] فجاء بالألف واللام الدالة على المعرفة في قوله: {الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ}[المائدة:٦٠]. وهذا يدل على أن المراد بها القردة والخنازير المعروفة لدينا والمعاينة في الوقت الحاضر، ولو كان أراد شيئاً مضى وانقضى لقال:(وجعل منهم قردة وخنازير) منكرة، بدون الألف واللام الدالة على المعرفة (١)
(١) انظر: تفسير القرطبي (١/ ٤٤٤) - وتفسير ابن الجوزي (٢/ ٢٩٥).