للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسبب الكفارة على هذا القول هو: ذات اليمين. (١) فإذا عزم الحالف على عدم العمل بيمينه بعد أن حلف، جاز له أن يكفر قبل الحنث، لأنه من تقديم العوض ولا بأس به.

وليس المراد: أن مجرد الحلف هو الموجب للكفارة. (٢)

٢ - ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه - عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل ". (٣)

فقد دل هذا الحديث على جواز تقديم كفارة اليمين قبل الحنث فيها.

٣ - أن عقد اليمين لما كان يحله الاستثناء وهو كلام، فلأن تحله الكفارة وهي فعل مالي أو بدني أولى.

٤ - أن الكفارة رخصة لحل اليمين، ولذلك تجزئ قبل الحنث وبعده.

- الترجيح: والقول الراجح هو جواز تقديم كفارة اليمين قبل الحنث فيها. بدلالة قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" من حلف علي يمين، فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليفعل " وأما الروايات التي فيها تقديم الحنث على الكفارة، فيجاب عنها: بأن (الواو) لا تفيد الترتيب، كمن قال لك: (إذا دخلت الدار فكل واشرب) فلا يفهم من هذا القول وجوب تقديم أحدهما على الآخر.

ولو كان تقديم الكفارة لا يجزئ لأبانه، ولقال: (فليأت الذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه). لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فلما تركهم على مقتضى اللسان دل على الجواز.

ومما يرجح هذا القول:


(١) فتح الباري لابن حجر (١١/ ٦١٧).
(٢) انظر: تفسير ابن عاشور (٦/ ٢٠) - وأحكام القرآن للكياالهراسي (٣/ ٩٥).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الأيمان - باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها، أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه-
(ح ٤٢٤٨ - ١١/ ١١٧) - والترمذي في سننه - كتاب النذر والأيمان - بابا ما جاء في الكفارة قبل الحنث (ح ١٥٣٤ - ٧/ ١١) وقال: حديث
حسن صحيح - أهـ.

<<  <   >  >>