للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحكي لنا في ذلك مما يذكره عن أصحابه، ومما كان يجتبيه من قولهم: أن الذي حرمه الله عز وجل على الناس في إحرامهم من الصيد هو ما كانوا يصيدونه ليأكلوه، وما كانوا يصيدونه منه بجوارحهم من الكلاب ومما سواها مما يطعمونها إياه، ومما أكله عليهم حرام كالذئاب وما أشبهها من ذوي الأنياب من السباع، ومن ذوي المخالب من الطير، ويقول: قد دخل هذا فيما حرم على المحرم اصطياده في إحرامه.

وكان الذي حكاه لنا ابن أبي عمران من ذلك عندنا أولى بتأويل الآية التي تلونا، لأن الله عز وجل قال فيها: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:٩٦]، فعمَّ بذلك جميع الصيد المأكول، وغير المأكول.

غير أن ابن أبي عمران قد كان أتبع ذلك حجة احتج بها فيه، فقال: وقد رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " خمس من الدواب يقتلن في الحرم والإحرام: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور" (١)، فكانت الروايات في ذلك ما نحن مستغنون عن ذكر أسانيدها لاتفاق الفريقين اللذين ذكرنا عليهما.

قال ابن أبي عمران: ولما حصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك بعدد معلوم، عقلنا بذلك أنه لا شيء فيما أباح للمحرم قتله في إحرامه ما يخرج عن ذلك العدد إلى غيره ..


(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الإحصار وجزاء الصيد - باب: ما يقتل المحرم من الدواب - (ح ١٧٣٢ - ٢/ ٦٥٠).
ومسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب: ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم (ح ٢٨٥٤ - ٨/ ٣٥١).

<<  <   >  >>