للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روي أن سبب نزولها كان فيما سوى ذلك عن أبي هريرة، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضبان قد احمر وجهه، فجلس على المنبر، فقال: " لا تسألوني عن شيء إلا حدثتكم " فقام إليه رجل، فقال: أين أبي؟ فقال: " في النار" فقام آخر، فقال: يا رسول الله، من أبي؟ قال: أبوك أبو حُذافة - كذا قال والصواب: أبوك حُذافة - فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: رضينا بالله عز وجل رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن إماماً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً، يا رسول الله كنا حديث عهد بجاهلية وشرك، والله أعلم من آباؤنا. قال: فسكن غضبه ونزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (١) [المائدة:٩٦]

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار أن نزول هذه الآية كان في الأسباب المذكورة فيها.

فقال قائل: هذه آثار تضاد الآثار الأول، فكيف يجوز أن يكون نزول هذه الآية كان في هذين السببين جميعاً، ولا نجدها في كتاب الله عز وجل في موضعين، ولو كانت نزلت في كل واحد من السببين، لكانت مذكورة منه في موضعين، كما كان قوله عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:٧٣] و [التحريم:٩] مذكوراً في موضعين إذ كانت نزلت مرتين، لأنه أريد بها في كل واحد من الموضعين غير من أريد بها في الموضع الآخر منهما.


(١) أخرجه الطبري في تفسيره - سورة المائدة - الآية (١٠١) (ح ١٢٨٠٦ - ٥/ ٨٣). وأورده السيوطي في الدر المنثور - (ح ٧ - ٣/ ٢٠٥).

<<  <   >  >>