للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه قد يحتمل أن تكون هذه السؤالات المذكورات في هذين الفصلين من هذا الباب قد كانت قبل نزول هذه الآية، ثم أنزل الله عز وجل بعد ذلك هذه الآية نهياً لهم عن هذه السؤالات، وإعلاماً لهم أنه لا حاجة لهم في الجوابات عنها بحقائق أمورها التي أريدت بها، إذ كان ذلك مما إذا سمعوه ساءهم، وإذا كان ذلك إنما يستعملون به مالا منفعة لهم فيه، ومما لو جهلوه لم يضرهم، وإنما المنفعة بالسؤالات استعلام الفرائض عليهم في دينهم، وما يتقربون به إلى ربهم عز وجل، فذلك العلم الذي ينفعهم، والذي إذا جهلوه ضرهم، فعليهم السؤال عنه حتى يعلموه،

والدليل على أنه عز وجل إنما كره منهم السؤالات عن ما لا منفعة لهم فيه، وعن ما إذا علموه ساءهم، لا عن ما سواه من أمور دينهم التي بهم الحاجة إلى علمها حتى يؤدوا المفروض فيها عليهم، وحتى يتقربوا إلى ربهم عز وجل بما يقربهم إليه منها: ما قد روي عن معاذ بن جبل مما قد دل على ذلك عن معاذ بن جبل، قال: قلت: يا رسول الله إني أريد أن أسألك عن أمر ويمنعني مكان هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:١٠١] قال: " ما هو يا معاذ "؟ قلت: العمل الذي يدخل الجنة وينجي من النار. قال: " قد سألت عظيماً، وإنه ليسير: شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ". (١)


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ح ١٣٧ - ٢٠/ ٧٣) والإمام أحمد في مسنده (٥/ ٢٤٥).

<<  <   >  >>