للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو جعفر: أفلا ترى أن معاذاً لما ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذه الآية تمنعه من سؤاله إياه عن شيء يحتاج إلى الوقوف عليه، فلما وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وعلم أنه ليس من الأشياء التي تكره معرفتها، والمسألة عنها، أجابه عنه. فدل ذلك على أن الأشياء المنهي عن السؤال عنها بما في الآية التي تلونا هي الأشياء التي لا دَرْكَ لهم في علمها، ولا ثواب لهم فيها، وأن الأشياء التي توصل إلى الثواب عليها، وإلى الأعمال الصالحة من أجلها، ليست بداخلة في المراد بهذه الآية.

وقد روي عن بعض المتقدمين في السبب الذي من أجله كان نزول هذه الآية خلاف هذه المعاني كلها عن عكرمة في هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:١٠١]. قال: هي في الرجل الذي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبي.

قال: وأما سعيد بن جبير، فقال: هي في الذين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البحيرة والسائبة (١).

وأما مقسم، فقال: هي فيما سألت الأمم أنبياءهم من الآيات. (٢)

قال: ومعنى ما روي في ذلك عن عكرمة قد وافق بعض ما قد تقدمت روايتنا له في هذا الباب.


(١) (البحيرة) هي: فعيلة بمعنى مفعولة، من (بَحَر) إذا شق، وذلك أن الناقة إذا أنتجت عشرة أبطن شقوا آذانها وتركوها ترعى، ولا ينتفع بها.
وأما (السائبة) فسميت بذلك لأن الرجل كان يقول: إذا قدمت من سفري أو برئت من مرضي فناقتي سائبة، وجعلها كالبحيرة في عدم الانتفاع
بها. (تفسير ابن جزي-١/ ٢٥٣).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره - سورة المائدة - الآية (١٠١) - (ح ١٢٨١٦ - ٥/ ٨٥)
وابن أبي حاتم في تفسيره - سورة المائدة - الآية (١٠١) - (ح ٦٨٧٩ - ٤/ ١٢١٨).

<<  <   >  >>