للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هكذا يقول أهل الآثار في هذا الباب على ما قد صححنا هذه الآثار عليه، وأما من سواهم ممن يتعلق بالتأويل، فيذهب إلى أن قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة:١٠٥] ليس عليه سقوط مفروض عليهم من أمر بمعروف، ومن نهي عن منكر، وأنهم لا يكونون مهتدين إذا لم يفعلوا ذلك، وأنهم إنما يدخلون في قوله عز وجل: {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} إذا فعلوا ذلك لا إذا قصروا عنه، ويذهبون إلى أن مثله من كتاب الله عز وجل قول الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:٢٧٢] وهو مع هذا - صلى الله عليه وسلم - فمفترض عليه جهاد أعداء الله وقتالهم حتى يردهم الله إلى دينه الذي بعثه الله به، وأمره أن يقاتل الناس عليه كافة، والقول الأول أبين معنى من هذا المعنى، وإن كان هذا المعنى صحيحاً، والله نسأله التوفيق. (شرح مشكل الآثار -٣/ ٢١١ - ٢١٦)

الدراسة

بين الإمام الطحاوي أن قوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:١٠٥] قد اختلف المفسرون في بيان المراد به على قولين:

- القول الأول: أن هذه الآية دالة على سقوط فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الزمن الذي يتحقق فيه عدم جدوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد الشروع فيه، ويكون الداعية إليه معرضاً للأذى من كل الوجوه. (١)


(١) تفسير ابن عاشور - (٧/ ٧٩).

<<  <   >  >>