للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ودليل هذا القول: حديث أبي ثعلبة الخشني - المتقدم ذكره - والدال على أن معنى هذه الآية يعمل به في آخر الزمان حيث يتعذر تغيير المنكر باليد واللسان لشيوع الفساد وغلبته على العامة، ولا يبقى من فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مثل هذه الحال إلا إنكار القلب (١)، كما دل على ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " من رأى منكم منكراً فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده، فإن لم يستطيع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " (٢)

- القول الثاني: أن هذه الآية غير دالة على سقوط فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما هي دالة على أن المطيع لربه لا يكون مؤاخذاً بذنوب من عصى ربه.

- ودليل هذا القول: أن الله جل وعلا قال في هذه الآية: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:١٠٥] والمعنى: أي لا يضركم ضلال من ضل إذا أنتم التزمتم العمل بطاعة الله، وأديتم فيمن ضل من الناس ما أمركم الله به فيه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جملة الأمور التي يشملها الاهتداء، كما أن الله جل وعلا قد أحكم فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كتابه وعلى لسان رسوله، ولو كان للمسلم ترك ذلك لم يكن للأمر به معنى. (٣)


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٦٨٤) ومعاني القرآن للنحاس (٢/ ٣٧٤).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب كون النهي عن المنكر من الإيمان - وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر واجبان (ح ١٧٥ - ٢/ ٢١١). وأبو داود في سننه - كتاب الصلاة - باب الخطبة يوم العيد (ح ١١٤٠ - ١/ ٦٧٧).
(٣) تفسير الطبري - (٥/ ١٠٠).

<<  <   >  >>