للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح: والقول الراجح هو أن المراد بالدعاء في الآية: سائر العبادات القولية والفعلية.

لأن دعاء الله جل وعلا يكون بسائر الجوارح قولاً وعملاً واعتقاداً، ولأن القوم كانوا جامعين لذلك. (١) كما أن الآية محتملة لذلك، ولا مانع يمنع من ذلك.

وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو خلاف القول الأولى في المراد بالآية.

والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦)} [الأنعام:٦٦].

قال أبو جعفر الطحاوي: إن الأشياء إذا كثرت، واتسعت أعدادها، جاز أن يضاف إلى كلها ما يراد به بعضها دون بقيتها، ومن ذلك قول الله لنبيه في كتابه: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} [الأنعام:٦٦]، ولم يرد به كل قومه، وإنما أراد منهم المكذبين له في ذلك، لا المصدقين له فيه، وقوله له: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف:٤٤]، فلم يرد بذلك قومه المكذبين له على ذلك، وإنما أراد به قومه المصدقين له عليه.

(شرح مشكل الآثار -٢/ ٨٣)

الدراسة

بين الإمام الطحاوي أن قوله جل وعلا: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} [الأنعام:٦٦] ليس المراد به

سائر قومه، وإنما المراد به: قومه المكذبين من قريش دون المصدقين منهم.

- وهذا قول: جمهور المفسرين. (٢)

فهذه الآية فيها مجاز مرسل، والعلاقة فيه الكناية، حيث ذكر الكل وهم (القوم) وأراد به الجزء وهم (المكذبين).

- ومن أمثلة ذلك:

قوله جل وعلا: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [البقرة:١٩].


(١) تفسير الطبري (٥/ ٢٠٣).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٥/ ٢٢٤) - ومختصر تفسير المنار (٢/ ٤٨٥).

<<  <   >  >>