للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يلزم من ظاهر الآية إثبات رسل من الجن. (١) خاصة وأنهم قد أمروا باتباع رسل الله إلى الإنس.

ونظير هذه الآية: قوله جل وعلا: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (١٦)} [نوح:١٥ - ١٦]. فالقمر في سماء الدنيا، فلا يوجد في كل سماء قمر. (٢)

وكقوله جل وعلا: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} [الشمس:١٤].

فلم يتقدموا جميعاً لعقر الناقة، وإنما عقرها واحد منهم، كما دل على ذلك قوله جل وعلا: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (٢٩)} [القمر:٢٩]. (٣)

٢ - قوله جل وعلا: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام:٩].

فالسبب في أن الله جل وعلا لم يجعل من الملائكة رسلاً إلى الناس: أن استئناس الإنسان بالإنسان أكمل من استئناسه بالملك.

فوجب في حكمة الله تعالى أن يجعل رسول الإنس من الإنس ليكمل هذه الاستئناس.

إذا ثبت هذا المعنى، فإن هذا السبب حاصل في الجن، فوجب أن يكون رسول الجن من الجن. (٤)

وقد رد هذا الاستدلال: بأن الله جلا وعلا قد جعل في الجن نذراً، وهذا كاف في إيجاد الاستئناس المطلوب تحققه.

القول الثاني: أن هذه الآية غير دالة على أن من الجن رسلاً وأنبياء.

- وهذا قول: جمهور المفسرين. (٥)

- ومن أدلة هذا القول:


(١) تفسير الرازي (١٣/ ١٩٥).
(٢) طريق الهجرتين (٣٩٤).
(٣) تفسير الشنقيطي (١/ ٣٦٧).
(٤) تفسير الرازي (١٣/ ١٩٥).
(٥) تفسير أبي حيان (٤/ ٦٤٨).

<<  <   >  >>