للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث قال: اللعن في كلام العرب هو الطرد والإبعاد، ومنه قول الله عز وجل: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة:١٥٩] فكان لعنة الله عز وجل إياهم: طردهم عنه، وإبعادهم منه.

عن أبي عبيدة معمر بن المثنى (لعنهم الله) أي: أطردهم وأبعدهم، يقال: ذئبٌ لعين، أي: مطرود.

قال شماخ بن ضرار:

ذعرتُ به القطا ونفيتُ عنه مقام الذئب كالرجلِ اللعينِ.

(شرح مشكل الآثار -٩/ ١٦٨).

٢ - ما ذكره عند قوله جل وعلا: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} [النساء:٩٥].

حيث قال: وفيما ذكرنا ما قد دل على أن القراءة في ذلك كما قرأها من قرأها بالرفع وهم: عاصم: والأعمشى، وأبو عمرو، وحمزة، لا كما قرأها مخالفوهم: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غيرَ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء:٩٥]. بالنصب، وهم: أبو جعفر، وشيبة، ونافع، وابن كثير، وعبد الله بن عامر، وقد كان أبو عبيد القاسم بن سلام ذهب إلى قراءة هؤلاء المدنيين، وقال مع ذلك: (إن الرفع وجه في العربية ممكن غير مستنكر)، وكذلك كان الفراء يذهب إلى صحته في العربية، ويقول: (هو على النعت للقاعدين).

قال: وما كان من نعتهم كان كذلك إعرابه بالرفع لا بغيره، كما قال عز وجل: {التَّابِعِينَ غيرَ أُولِي الْإِرْبَةِ} [النور:٣١] فكان نعته إياهم بمثل ما ذكرهم به من الجر لا ما سواه. والله نسأله التوفيق.

وقد قال أبو عبيد القاسم بن سلام في السبب الذي به اختار: {غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء:٩٥] بالنصب، فقال: (وروي عن أصحاب رسول الله j - غير واحدٍ ذكرهم - أن نزولها كان على الاستثناء، فوجب بذلك أن تكون منصوبة).

<<  <   >  >>