للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح: والقول الراجح هو أن كلا السببين سبب في نزول هذه الآيات، لأن جميع هذه الروايات في غزوة بدر، ولا مانع من تعدد الأسباب مع وحدة النازل إذا كان كلا السببين في وقت متقارب، وكانا على درجة واحدة من حيث الصحة.

وعليه فإن سبب نزول الآية هو: معاتبة الصحابة - رضوان الله عليهم - في أخذهم الغنائم والمفادة يوم بدر، لأنهم بذلك قد خالفوا أمر الله جل وعلا في ذلك. (١)

وأما ترجيح رواية أبي هريرة على رواية ابن عباس لكون رواية ابن عباس لم تبين أخذاً لشيء محرم، والآية جاءت بالمعاتبة لأخذ شيء محرم، فترجيح مخالف للصواب، وذلك لأن رواية ابن عباس وردت بألفاظ تبين أن سبب نزول هذه الآيات هو: حدوث أخذ للفداء، كما في الرواية الثابتة عند مسلم وغيره، خلافاً للرواية التي أثبتها الإمام الطحاوي، ومما يؤكد صحة رواية مسلم الروايات الثابتة عن غير ابن عباس، كرواية عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم أجمعين -، والتي تؤكد أن سبب نزول الآية هو معاتبة الصحابة - رضوان الله عليهم - على ما حدث منهم في غزوة بدر من أخذ الفداء من الأسرى قبل أن يحل أخذه لهم.

وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو خلاف القول الأولى في سبب نزول الآية.

والله تعالى أعلم.

ثانياً: بيان أقوال المفسرين في المراد بقوله جل وعلا: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال:٦٨]:

القول الأول: أنه معنى الآية هو: لولا كتاب من الله سبق بأنه محل الغنائم لهذه الأمة، لمسكم فيما أخذتم من الغنائم والمفاداة عذاب عظيم.


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/ ١٠٨) ومناهل العرفان (١/ ٩٩).

<<  <   >  >>