للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ومما يؤيد هذا القول: سبب نزول الآية الوارد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - حيث قال: لما كان يوم بدر تعجل الناس من المسلمين، فأصابوا من الغنائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم، كان النبي - يعني من كان قبله - إذا اغنم هو وأصحابه، جمعوا غنائمهم، فتنزل نار من السماء تأكلها، فأنزل الله: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا (٦٩)} [الأنفال:٦٨ - ٦٩] (١)

- وهذا قول: أبي هريرة - وابن عباس - وعطاء - وعبيدة - والضحاك - والحسن - والأعمش.

القول الثاني: أن معنى الآية هو: لولا كتاب من الله سبق بأنه لا يؤاخذ أحداً بفعل أتاه عن جهالة لمسكم فيما أخذتم من الغنائم والمفاداة عذاب عظيم. (٢)

فالصحابة - رضوان الله عليهم - في غزوة بدر عندما أخذوا الأسرى رأوا أنه قد يكون استبقاءهم سبباً في إسلامهم، كما أن أخذ المفاداة منهم سبباً في التقوي بها على الجهاد في سبيل الله، وخفي عليهم أن قتلهم أعز للإسلام، وأهيب لن وراءهم، وأفل لشوكتهم. فكان هذا الفعل منهم ناتج عن اجتهاد خاطئ، والله جل وعلا يعفو عمن هذا حاله، كما قال جل ذكره: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب:٥].

- وهذا قول: ابن عباس رضي الله عنه - ومجاهد - ومحمد بن إسحاق. (٣)


(١) تقدم تخريجه (٥٣٧).
(٢) تفسير الطبري (٦/ ٢٨٨)
(٣) انظر: تفسير الزمخشري (٢/ ٦٠١) وتفسير ابن الجوزي (٣/ ٢٥٩).

<<  <   >  >>