فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أن الذي في هذا الحديث من قول الناس الحج الأصغر لا يُدري ما هو؟ ولا عن من حكي من رواة هذا الحديث؟ وقد يحتمل أن يكون من كلام الزهري، فإنه قد كان يفعل ذلك كثيراً، يخلط كلامه بالحديث فيتوهم أنه منه، وليس هو منه، ولذلك قال له موسى بن عقبة (١) أفصل كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كلامك.
وإذا كان ذلك الكلام يحتمل ما قد ذكرنا، كان ما قد رويناه عن عبد الله بن عمرو من حقيقة المعنى، كان في ذلك أولى منه، وكان ما قال من ذلك معقولاً إذا كان الحج بعد استدارة الزمان رجع إلى شهر بعينه يجري عليه حج الناس إلى يوم القايمة، فكان ذلك إماماً لهم، كان الأكبر من الحج الذي يرجع إليه غيره من الحج الذي يكون بعده إلى يوم القيامة من قدوة أهله لما فيه، وفي ذلك ما قد وجب له ما قاله فيه عبد الله بن عمرو، والله نسأله التوفيق.
(شرح مشكل الآثار ٤/ ٩٠ - ٩٥)
(١) موسى هو: أبو محمد موسى بن عقبة بن أبي عياش القرشي الأسدي المدني، وثقه الإمام أحمد بن حنبل وغيره، وكانت وفاته سنة (١٤١ هـ). (تهذيب الكمال - ٧/ ٢٧١).