للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما اختلفوا في ذلك هذا الاختلاف طلبنا الوجه فيه، ووجدنا الله قد قال في كتابه {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا} [المائدة:٣٣] الآية فكان ما ذكر الله في هذه الآية قد ذكر فيه أن العقوبات المذكورات فيها جزاء لمن أصاب تلك الأشياء التي تلك العقوبات عقوبات لها، وقد تكون تلك الأشياء ممن ينتحل الإسلام وممن سواهم، وكانت المحاربة هي العداوة لله عز وجل بالأفعال التي لا يرضاها.

قال أبو جعفر: فوجب بذلك استعمال ما في هذه الآية على من يكون منه هذه المحاربة والسعي المذكور فيها إلى يوم القيامة من أهل الملة الباقين على الإسلام، ومن أهل الملة الخارجين عن الإسلام إلى ضده، ومن أهل الذمة الباقين على ذمتهم، ومن أهل الذمة الخارجين عن ذمتهم بنقض العهد الذي كان عليهم فيها.

وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك حديث يوجب ما قلنا، كما عن إبراهيم بن طهمان .. عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل قتل امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله إلا بإحدى ثلاث: زانٍ بعد إحصانه، أو رجل قتل فقُتل به، أو رجل خرج محارباً لله ولرسوله فيُقتل أو يُصلب أو يُنفى من الأرض) فقال قائل: فقد احتججت بحديث إبراهيم بن طهمان هذا، وفيه تخير الإمام في هذه الأشياء أيها رأى أنه يقيمه على أهل المحاربة، وأنت لا تقول هذا، وقد قال بالتخير قبلك في هذه العقوبة غير واحدٍ من أهل العلم؟

فذكر عن الحسن في قوله: (أو. . . أو. . .) قال: (الإمام مخير: إن شاء قتل، وإن شاء صلب، وإن شاء قطع).

<<  <   >  >>