للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال السيوطي تعليقاً على هذا: " فهذا يدل على أن الواو للاستئناف، لأن هذه الرواية إن لم تثبت بها القراءة فأقل درجاتها أن تكون خبراً بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن، فيقدم كلامه في ذلك على من دونه" (١).

وفي قراءة ابن مسعود: "وإن حقيقة تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به" (٢).

وعن عائشة -رضي الله عنه- في قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: ٧] قالت: كانت رسوخهم في العلم أن آمنوا بمحكمه ومتشابهه، ولم يعلموا تأويله" (٣).

وعن عروة، قال: " إن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله، ولكنهم يقولون: آمنا به كل من عند ربنا" (٤).

وعن أبي نهيك الأسدي، أنه قال في قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧]: إنكم تصلون هذه الآية، وإنها مقطوعة: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧] فانتهى علمهم إلى قولهم الذي قالوا" (٥).

ثم إن الآية دلت على ذم من يطلب تأويل المتشابه، ومدح من يكل علمه إلى الله، ويقول آمنا به كل من عند ربنا، فيفوض علمه إلى الله ويسلم له (٦).

ولو كان قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧] معطوفاً على قوله: {إِلَّا اللَّهُ}، لقال: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}، لأن تقدير الكلام: والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون .. ولو كانت الواو للعطف لكان قوله: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧] راجعاً إلى الله وإلى الراسخين في العلم وفساد هذا وبطلانه ظاهر (٧).


(١) الإتقان ٣/ ٦.
(٢) المصاحف لعبدالله بن أبي دواد السجستاني تصحيح آثر جفري ص ٦٩، مكتبة المثنى، بغداد، الطبعة الأولى.
(٣) تفسير الطبري ٣/ ٢١٤.
(٤) المرجع السباق ٣/ ٢١٤.
(٥) المرجع السابق ٣/ ٢١٤.
(٦) انظر: إبطال التأويلات ص ١/ ٦٥، ذم التأويل لموفق الدين ابن قدامه المقدسي، تحقيق بدر البدر ص ٣٧ - ٣٨، الدار السلفية، الكويت، الطبعة الأولى، روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه لموفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة تحقيق عبدالكريم النملة ص ١/ ٢٧٩، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة السابعة. أساس التقديس لفخر الدين محمد الرازي تحقيق أحمد حجازي السقا ص ٢٣٦ - ٢٣٧، مكتبة الكليات الأزهرية، شرح الكوكب الصغير ٢/ ١٥٤، ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان لأبي عبدالله محمد بن المرتضى اليماني المشهور بابن الوزير تصحيح جماعة من العلماء ص ١٣٥ - ١٣٧، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى.
(٧) انظر: ذم التأويل لابن قدامه ص ٣٨، أساس التقديس ص ٢٣٧ - ٢٣٨، شرح الكوكب المنير ٢/ ١٥٤، ١٥٥.

<<  <   >  >>