للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن الأدلة أيضاً على هذا القول ما ورد من الأحاديث والآثار في الإيمان بالمتشابه وعدم العلم به، وذم متبعيه، كقولهصلى الله عليه وسلم: " إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم" (١).

وقوله: "واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا" (٢).

كما استدلوا بإجماع الصحابة -رضي الله عنهم- على ترك تأويل المتشابه (٣).

هذه أبرز الحجج التي استدل بها القائلون بأن تأويل المتشابه مما استأثر الله بعلمه (٤)، وقد قال ابن قدامه بعد ذكره جملة من هذه الحجج: "فثبت بما ذكرناه من الوجوه أن تأويل المتشابه لا يعمله إلا الله تعالى، وأن متبعه من أهل الزيغ، وأنه محرم على كل أحد" (٥).

وقد ذكر ابن الوزير اثنين وعشرين دليلاً على هذا القول (٦).

القول الثاني:

أن تأويل المتشابه مما يعلمه الراسخون في العلم ويدركونه.

ومعنى هذا القول مروي عن ابن عباس، ومجاهد وغيرهم، ورجحه النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية (٧).

وقد احتج أصحاب هذا القول بعدة أدلة منها:

ما جاء عن ابن عباس أنه قال: "أنا ممن يعلم تأويله" (٨).


(١) سنن أبي داود: كتاب السنة باب النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن، رقم ٣٩٨٢.
(٢) رواه الحاكم في كتاب فضائل القرآن، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الذهبي في تلخيصه ٣١/ ٥ حديث رقم ٣١٩، ورواه أيضاً الطحاوي في مشكل الآثار ٤/ ١٨٤ - ١٨٥، طبعة مجلس دائرة المعارف النظامية بالهند، عام ١٣٣٣.
(٣) انظر: ذم التأويل ص ٤٠، أساس التقديس ص ٢٣٩.
(٤) انظر ترجيح أساليب القرآن ص ١٢٩ - ١٤٤.
(٥) ذم التأويل ص ٣٩.
(٦) انظر: ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان: ١٢١.
(٧) انظر: تفسير الطبري ٣/ ٢١٥، تأويل مشكل القرآن ص ٩٨ - ١٠١، معالم التنزيل للبغوي ١/ ٣٢٤، متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار ص ١٤، الكشاف للزمخشري ١/ ٤١٣، زاد المسير ١/ ٣٥٤، تفسير القرطبي ٥/ ٢٧، شرح صحيح مسلم للنووي ١٦/ ٢١٨، ط دار الكتاب العربي، بيروت، عام ١٤٠٧ تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٤٠٠، ضمن مجموع الفتاوى، تفسير ابن كثير ٢/ ٩، شرح الكوكب المنير ٢/ ١٥٣، فتح القدير للشوكاني ١/ ٥٢٧.
(٨) تفسير الطبري ٣/ ٢١٥.

<<  <   >  >>