للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعن مجاهد في قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧] يعلمون تأويله ويقولون {آمَنَّا بِهِ}، وروى مثله عن الربيع (١).

ثم إن الله أنزل كتابه تبياناً لكل شيء، ولو كان فيه ما لا يعلم لم يكن فيه بيان المشكل (٢).

وقالوا أيضا لو لم يكن المتشابه معلوماً للراسخين في العلم لم يكن لهم مزية ولا فضيلة على العامة، لأن الجميع يقولون آمنا به (٣).

وقالوا أيضاً لو كان المتشابه لا يُعلم للزم عليه أن يتعبد الله خلقه بالشيء المجهول، ويخاطب عباده بما لا يفهمون، كما أنه يخالف وصفه تعالى للقرآن بأنه تبيان لكل شيء (٤).

قال ابن قتيبة -رحمه الله-: " ولسنا ممن يزعم أن المتشابه في القرآن لا يعلمه الراسخون في العلم، وهذا غلط من متأوليه على اللغة والمعنى، ولم ينزل الله شيئاً من القرآن إلا لينفع به عباده، ويدل على معنى أراده" (٥).

وقال النووي بعد أن رجح هذا القول: " لأنه يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته" (٦).

ثم إن آيات القرآن كلها قد فسرت ألفاظها، وتكلم الصحابة والتابعون في معانيها، ولم يتركوا شيئاً منها، وإن توقف بعضهم في شيء من ذلك، فإن الآخر يفسره ويبينه (٧).

وقد أجابوا على ما أورده أصحاب القول الأول من حجج بأن قالوا: أما قراءة ابن مسعود التي ذكرتم فغير صحيحة، وأما أثر عائشة فإنما الثابت أوله، وهو قولها: " كان رسخوهم في العلم أن آمنوا بمحكمه ومتشابهه"، وأما آخر الأثر وهو قولها: " ولم يعلموا تأويله" فغير ثابت.


(١) تفسير الطبري ٣/ ٢١٥.
(٢) انظر: العدة للقاضي أبي يعلى ٢/ ٦٩١.
(٣) انظر: العدة للقاضي أبي يعلى ٢/ ٦٩٢، تأويل مشكل القرآن ص ١٠٠.
(٤) انظر: العدة للقاضي أبي يعلى ٢/ ٦٩٢، ترجيح أساليب القرآن ص ١٢٦، أساس التقديس ص ٢٤٠.
(٥) تأويل مشكل القرآن ص ٩٨.
(٦) شرح مسلم للنووي ١٦/ ٢١٨.
(٧) انظر: تأويل مشكل القرآن ص ١٠٠، إبطال التأويلات ص ١/ ٦٦، تفسير سورة الإخلاص لشيخ الإسلام ١٧/ ٣٩٥ - ٣٩٧، ضمن مجموع الفتاوى.

<<  <   >  >>