للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كما عارضوا قراءة ابن عباس بما ورد عنه من قوله: " أنا ممن يعلم تأويله"، وبدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له في قوله: " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" (١).

وقد قال مجاهد: " عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته، أقفه عند كل آية، وأسأله عنها" (٢).

كما أجابوا على ما ورد من نصوص في ذم من يتبع المتشابه، كما دلت عليه الآية والأحاديث والآثار، بأن قالوا:

إن الذم "وقع على من يتبع المتشابه لابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وهو حال أهل القصد الفاسد الذين يريدون القدح في القرآن، فلا يطلبون المتشابه إلا لإفساد القلوب، وهي فتنتها به، ويطلبون تأويله، وليس طلبهم لتأويله لأجل العلم والاهتداء، بل هذا لأجل الفتنة.

وأما من سأل عن معنى المتشابه ليعرفه ويزيل ما عرض له من الشبه، وهو عالم بالمحكم، متبع له، مؤمن بالمتشابه، لا يقصد فتنة، فهذا لم يذمه الله ... " (٣).

وأجابوا عن ما ألزمهم به أصحاب القول الأول من عود الضمير في (يقولون) في قوله: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: ٧] إلى الله، وإلى الراسخين في العلم، بأن قالوا: إن هذا غير لازم"؛ بل إنما يعود الضمير إلى الراسخين في العلم فقط، وهذا أمر سائغ في اللغة، كما قال تعالى: {رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢] (٤)، فقوله: (صفاً صفاً) حال من المعطوف، وهو الملك، دون المعطوف عليه.

كما أجابوا عن حكايتهم إجماع الصحابة على ترك التأويل بأن قالوا: إنه لم يثبت عن أحد من الصحابة أنه قال: إن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل المتشابه، بل الثابت عن الصحابة أن المتشابه يعمله الراسخون (٥).


(١) رواه أحمد ٤/ ١٢٧ رقم الحديث ٢٣٩٧، والحاكم في كتاب معرفة الصحابة، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الذهبي في تلخيصه ٤/ ٦٨٨ رقم الحديث ٦٣٣٤، وصححه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند ٤/ ١٢٧.
(٢) رواه بمعناه الطبري في تفسيره ٣/ ٩٠. انظر: تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٣٩٥، ٤٠٧ - ٤٠٩، ضمن مجموع الفتاوى.
(٣) تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٣٩٣ - ٣٩٤، ضمن مجموع الفتاوى.
(٤) سورة الفجر: ٢٢.
(٥) انظر: تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٤٠٦، ٤٠٧، ضمن مجموع الفتاوى.

<<  <   >  >>