للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبَاب السَّادِس وَالْخَمْسُونَ

قَوْلهم فِي الْغَيْبَة وَالشُّهُود

فَمَعْنَى الْغَيْبَة أَن يغيب عَن حظوظ نَفسه فَلَا يَرَاهَا وهى اعنى الحظوظ قَائِمَة مَعَه مَوْجُودَة فِيهِ غير أَنه عَنْهَا بِشُهُود مَا للحق

كَمَا قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي وبلغه أَنه قيل للاوزاعي رَأينَا جاريتك الزَّرْقَاء فِي السُّوق فَقَالَ أَو زرقاء هى

فَقَالَ سُلَيْمَان انفتحت عُيُون قُلُوبهم وانطبقت عُيُون رؤوسهم

أخبر أَن غيبته عَن رزقتها كَانَت مَعَ بَقَاء لَذَّة الْحور فِيهِ بقوله أَو زرقاء هى

وَالشُّهُود أَن يرى حظوظ نَفسه

وَمعنى ذَلِك أَن يَأْخُذ مَا يَأْخُذ بِحَال الْعُبُودِيَّة وخضوع البشرية لَا للذة والشهوة

وغيبة أُخْرَى وَرَاء هَذِه وهى أَن يغيب عَن الفناء والفاني بِشُهُود الْبَقَاء وَالْبَاقِي لَا غير كَمَا أخبر حَارِثَة عَن نَفسه وَيكون الشُّهُود شُهُود عيان وَيكون غيبته عَمَّا غَابَ غيبَة شُهُود الضّر والنفع لَا غيبَة استتار واحتجاب

وأنشدونا للنورى ... شهِدت وَلم أشهد لحاظا لحظته

وَحسب لحاظ شَاهد غير مشْهد

وغبت مغيبا غَابَ للغيب غيبه

فلاح ظُهُور غيبه غير مفقد ...

وَعبر عَن الشُّهُود بعض مشائخنا فَقَالَ الشُّهُود أَن تشهد مَا تشهد مستصغرا لَهُ مَعْدُوم الصّفة لما غلب عَلَيْك من شَاهد الْحق كَمَا جَاءَ ... أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل

وكل نعيم لَا محَالة زائل ...

<<  <   >  >>