أَجمعُوا على أَن الله تَعَالَى يفعل بعباده مَا يَشَاء وَيحكم فيهم بِمَا يُرِيد كَانَ ذَلِك أصلح لَهُم أولم يكن لِأَن الْخلق خلقه وَالْأَمر أمره {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون}
وَلَوْلَا ذَلِك لم يكن بَين العَبْد والرب فرق وَقَالَ الله تَعَالَى {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا إِثْمًا} وَقَالَ {إِنَّمَا يُرِيد الله ليعذبهم بهَا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} وَقَالَ {أُولَئِكَ الَّذين لم يرد الله أَن يطهر قُلُوبهم}
وَالْقَوْل بالأصلح يُوجب نِهَايَة الْقُدْرَة وتنفيذ مافي الخزائن وتعجيز الله تَعَالَى عَن ذَلِك لِأَنَّهُ إِذا فعل بهم غَايَة الصّلاح فَلَيْسَ وزاء الْغَايَة شئ فَلَو أَرَادَ أَن يزيدهم على ذَلِك الصّلاح صلاحا آخر لم يقدر عَلَيْهِ وَلم يجد بعد الَّذِي أَعْطَاهُم مَا يعطيهم مِمَّا يصلح لَهُم تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا
وَأَجْمعُوا أَن جَمِيع مَا فعل الله بعباده من الْإِحْسَان وَالصِّحَّة والسلامة وَالْإِيمَان وَالْهِدَايَة واللطف تفضل مِنْهُ وَلَو لم يفعل ذَلِك لَكَانَ جَائِزا وَلَيْسَ على الله بِوَاجِب وَلَو كَانَ مَا يفعل مِمَّا يفعل شَيْئا وَاجِبا عَلَيْهِ لم يكن مُسْتَحقّا للحمد وَالشُّكْر
وَأَجْمعُوا أَن الثَّوَاب وَالْعِقَاب لَيْسَ من جِهَة الِاسْتِحْقَاق لكنه من جِهَة