للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توحيده وَنفي الشُّرَكَاء عَنهُ وإتيان مَا لَيْسَ فِي الْعقل استحالته بل وُجُوبه أَو جَوَازه

وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَنَّهُمَا عينان نَبِي ومتنبي فالنبي صَادِق والمتنبي كَاذِب وهما يشتبهان فِي الصُّورَة والتركيب

وَأَجْمعُوا أَن الصَّادِق يُؤَيّدهُ الله بالمعجزة والكاذب لَا يجوز لَهُ مَا يكون للصادق لِأَن فِي هَذَا تعجيز الله عَن إِظْهَار الصَّادِق من الْكَاذِب

فَأَما إِذا كَانَ ولي صَادِق وَلَيْسَ بِنَبِي فَإِنَّهُ لَا لَا يَدعِي النُّبُوَّة وَلَا مَا هُوَ كذب وباطل وَإِنَّمَا يَدْعُو إِلَى مَا هُوَ حق وَصدق فَإِن أظهر الله عَلَيْهِ كَرَامَة لم يقْدَح ذَلِك فِي نبوة النَّبِي وَلَا أوجب شُبْهَة فِيهَا لِأَن الصَّادِق يَقُول مَا يَقُوله النَّبِي وَيَدْعُو إِلَى مَا يدعوا إِلَيْهِ النَّبِي فظهور الْكَرَامَة لَهُ تأييد لنَبِيّ وَإِظْهَار لدعوته وإلزام لحجته وتصديقه فِيمَا يَدعُوهُ ويدعيه من النُّبُوَّة وَإِثْبَات تَوْحِيد الله عز وَجل

وَجوز بَعضهم أَن يرى الله أعداءه فِي خَاصَّة أنفسهم وَفِيمَا لَا يُوجب شُبْهَة مَا يخرج من الْعَادَات وَيكون ذَلِك استدراجا لَهُم وسببا لهلاكهم وَذَلِكَ انها تولد فِي أنفسهم تَعَظُّمًا وكبرياء ويرون أَنَّهَا كرامات لَهُم استأهلوها بأعمالهم واستوجبوها بأفعالهم فيتكلون على أَعْمَالهم ويرون لَهُم الْفضل على الْخلق فيزرون بعباده ويأمنون مكره ويستطيلون على عباده

وَأما الْأَوْلِيَاء فَإِنَّهُم إِذا ظهر لَهُم من كرامات الله شئ ازدادوا لله تذللا وخضوعا وخشية واستكانة وإزراء بنفوسهم وإيجابا لحق الله عَلَيْهِم فَيكون ذَلِك زِيَادَة لَهُم فِي أُمُورهم وَقُوَّة على مجاهداتهم وشكرا لله تَعَالَى على مَا أَعْطَاهُم

فَالَّذِي للأنبياء معجزات وللأولياء كرامات وللأعداء مخادعات

<<  <   >  >>