للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيكون صَاحبهَا مَحْفُوظًا عَن النّظر إِلَى نَفسه فَلَا يدْخلهُ عجب وَيكون مسلوبا من الْخلق بِمَعْنى النّظر إِلَيْهِم بحظ فَلَا يفتنونه وَيكون مَحْفُوظًا عَن آفَات البشرية وَإِن كَانَ طبع البشرية قَائِما مَعَه بَاقِيا فِيهِ فَلَا يستحلى حظا من حظوظ النَّفس استحلاء يفتنه فِي دينه واستحلاء الطَّبْع قَائِم فِيهِ وَهَذِه هِيَ خُصُوص الْولَايَة من الله للْعَبد

وَمن كَانَ بِهَذِهِ الصّفة لم يكن لِلْعَدو إِلَيْهِ طَرِيق بِمَعْنى الإغواء لقَوْله جلّ وَعز {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان} وَهُوَ مَعَ هَذَا لَيْسَ بمعصوم من صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة فَإِن وَقع فِي أحديهما قارنته التَّوْبَة الْخَالِصَة

وَالنَّبِيّ مَعْصُوم لَا يجْرِي عَلَيْهِ كَبِيرَة بِإِجْمَاع وَلَا صَغِيرَة عِنْد بَعضهم

وَزَوَال خوف الْعَاقِبَة لَيْسَ بممتنع بل هُوَ جَائِز فقد أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بِأَنَّهُم من أهل الْجنَّة وَشهد للعشرة بِالْجنَّةِ والراوي لَهُ سعيد ابْن زيد وَهُوَ أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ وَشَهَادَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توجب سكونا إِلَيْهَا وطمأنينة بهَا وَتَصْدِيقًا لَهَا وَهَذَا يُوجب الْأَمْن من التَّغْيِير وَزَوَال خوف التبديل لَا محَالة

وَالرِّوَايَات الَّتِي جَاءَت فِي خوف المبشرين من قَول ابي بكر رَضِي الله عَنهُ يَا لَيْتَني كنت تَمْرَة ينقرها الطير

وَقَول عمر رَضِي الله عَنهُ ياليتني كنت هَذِه النبتة لَيْتَني لم أك شَيْئا

وَقَول أبي عُبَيْدَة بن الْجراح رَضِي الله عَنهُ وددت أَنِّي كَبْش فيذبحني أَهلِي ويأكلون لحمي ويحسون مرقي

وَقَول عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا يَا ليتي كنت ورقة من هَذِه الشَّجَرَة وَهِي من شهد لَهَا عمار بن يَاسر على مِنْبَر الْكُوفَة فَقَالَ اشْهَدْ أَنَّهَا زَوْجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

<<  <   >  >>