فَلَمَّا كَانَ الْأَمر كَذَلِك اصطلحت هَذِه الطَّائِفَة على أَلْفَاظ فِي علومها تعارفوها بَينهم ورمزوا بهَا فادركه صَاحبه وخفي على السَّامع الَّذِي لم يحل مقَامه فإمَّا أَن يحسن ظَنّه بالقائل فيقبله وَيرجع إِلَى نَفسه فَيحكم عَلَيْهَا بقصور فهمه عَنهُ أَو يسوء طنه بِهِ فيهوس قَائِله وينسبه إِلَى الهذيان وَهَذَا أسلم لَهُ من رد حق وإنكاره
ذَلِك هُوَ منطق الكلاباذي فِي عرضه العلمي وتحليله الصُّوفِي وَهَذَا منهجه فِي سَائِر مَا يتَنَاوَل فِي كِتَابه من دقائق وَلِهَذَا كَانَ كِتَابه صُورَة صَادِقَة لاسمه التعرف لمَذْهَب أهل التصوف
وَلَقَد وقفنا طَويلا عِنْد هَذِه التَّسْمِيَة وأخذنا نتساءل أهذه التَّسْمِيَة دقيقة لقد أثارت فِي قوه انتباهنا إِلَيْهَا ككل وأثارت فِي عنف انتباهنا إِلَى كل كلمة من كلماتها
إِن الْمُؤلف قَالَ التعرف وَلم يقل دراسة أَو بحث اَوْ شرح وَقَالَ مَذْهَب بِصِيغَة الْمُفْرد وَلم يقل مَذَاهِب وَقَالَ اهل التصوف وَلم يقل الصُّوفِيَّة مثلا وَكَانَ من الْمُمكن أَن تكون التَّسْمِيَة هَكَذَا دراسة مَذَاهِب الصُّوفِيَّة