للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأكْثر من الْجمع والتأليف والانتقاء والتصنيف حَتَّى أَنه قل فن إِلَّا وصنف فِيهِ إِمَّا نظما وَإِمَّا نثرا وَلَا)

أعلم الْآن من يوازيه فِي ذَلِك واشتهر ذكره وَبعد صيته وَصَارَ بَيته مجمعا لكثير من الْفُضَلَاء وَولي قَضَاء الْحَنَابِلَة بعد الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ مَعَ التداريس المضافة للْقَضَاء كالصالحية والأشرفية الْقَدِيمَة والناصرية وجامع ابْن طولون وَغَيره كالشيخونية وتصدير بالأزهر وَغَيرهمَا، وَلم يتَجَاوَز طَرِيقَته فِي التوضع والاستئناس بِأَصْحَابِهِ وَسَائِر من يتَرَدَّد إِلَيْهِ وتعففه وشهامته ومحاسنه الَّتِي أوردت كثيرا مِنْهَا مَعَ جملَة من تصانيفه وَنَحْوهَا فِي تَرْجَمته من قُضَاة مصر وَغَيره، وَحدث بالكثير قَدِيما وحديثا سمع مِنْهُ القدماء وروى بِبَيْت الْمُقَدّس مَعَ أمه بعض الْمَرْوِيّ وَأَنْشَأَ مَسْجِدا ومدرسة وسبيلا وصهريجا وَغير ذَلِك من القربات كمسجد بشبرا وَكَانَ بَيته يجمع طَائِفَة من الأرامل ونحوهن، وَله فِي من حسن العقيدة ومزيد التبجيل والمحبة مَا يفوق الْوَصْف وَمَا علمت من أستأنس بِهِ بعده. مَاتَ فِي لَيْلَة السبت حادي عشر جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسبعين وَغسل من الْغَد وَحمل نعشه لسبيل المومني فَشهد السُّلْطَان فَمن دونه الصَّلَاة عَلَيْهِ فِي جمع حافل تقدمهم الشَّافِعِي ثمَّ رجعُوا بِهِ إِلَى حوش الْحَنَابِلَة عِنْد قبر أَبَوَيْهِ وأسلافه وَالشَّمْس بن الْعِمَاد الحنبيل وَهُوَ بَين تربة كوكاي وَالظَّاهِر خشقدم فَدفن فِي قبر أعده لنَفسِهِ وَكثر الأصف على فَقده وَالثنَاء عَلَيْهِ وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوع مثله، وترجمته تحْتَمل مجلدا رَحمَه الله وإيانا. وَتَفَرَّقَتْ جهاته كَمَا بَيناهُ فِي الْحَوَادِث وَغَيرهَا وَصَارَ الْقَضَاء بعده مَعَ الشيخونية لنائبه الْبَدْر السَّعْدِيّ كَانَ الله لَهُ، وَمِمَّا كتبته عَنهُ قَوْله فِي لُغَات الْأُنْمُلَة والأصبع وَهُوَ مُشْتَمل على تسع عشرَة لُغَة:

(وهمز أُنْمُلَة ثلث وثالثه ... وَالتسع فِي أصْبع وَاخْتِمْ بأصبوع)

وَقَوله مِمَّا أَضَافَهُ لبيت ابْن الفارض وَهُوَ:

(بانكساري بذلتي بخضوعي ... بافتقاري بفاقتي بغناكا)

فَقَالَ:

(لَا تَكِلنِي إِلَى سواك وجدلي ... بالأماني وَالْأَمر من بلواكا)

وَقَوله:

(تَوَاتر الْفضل مِنْك يَا من ... بِكَثْرَة الْفضل قد تفرد)

(فرحت أروي صِحَاح بر ... عَن حسن جَاءَ عَن مُسَدّد)

(سلسلة أطلقت بناني ... لَكِن رقي بهَا مُقَيّد)

)

(تعزي إِلَى مَالك البرايا ... مُسندَة للْإِمَام أَحْمد)

أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف شهَاب الدّين الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْقطَّان

<<  <  ج: ص:  >  >>