للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لَهُ نظم من نمط تأليفه وَرُبمَا أَخذ عَنهُ بعض الطّلبَة، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ مديما للتحصيل مُقيما على الْجمع وَالْكِتَابَة فِي التَّفْرِيع والتأصيل لَا أعلم عَلَيْهِ فِي دينه إِلَّا الْخَيْر وَلَا أَتكَلّم بِمَا يتقول بِهِ الْغَيْر وَلكنه لَيْسَ بالمتقن فِي حفظه وَنَقله وَلَا بالمتين فِي فهمه وعقله وَالْغَالِب عَلَيْهِ سَلامَة الْفطْرَة الَّتِي ينشأ عَنْهَا من أَفعاله وأقواله مَا يقدر الْعَاقِل قدره مِمَّا يَقْتَضِي حُصُول الاستثقال بمجالسته والاستهزاء بِكَثِير من كَلِمَاته ومحاورته وَرُبمَا مسوه بِبَعْض الْمَكْرُوه وَهُوَ لَا يتَغَيَّر عَن طبعه وَلَا يتَصَوَّر استجلاب مَا لَعَلَّه يكون وَسِيلَة لنفعه ويعتقد أَن حسدهم إِيَّاه سَببا لصنيعهم فيخف عَنهُ مَا يُشَاهِدهُ مِنْهُم فِي تفريقهم وتجميعهم حَتَّى أنني قَرَأت بِخَطِّهِ مَا نَصه: وَوَاللَّه إِنَّنِي لَا أَشك أَن كل مَا حصل لي من خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِنَّمَا هُوَ من بركَة لحظ الشهَاب بن رسْلَان وأنفاسه الزكية فَمن بركته الظَّاهِرَة عَليّ إِلَى وقتنا هَذَا أنني لم أصحب أحدا من الدُّنْيَا وَلَا من عُلَمَاء الْآخِرَة إِلَّا وَكَانَ لي عِنْده من الْمحبَّة وَالْقَبُول الْغَايَة القصوى بِحَيْثُ أَنِّي أحسد فِيهِ من أعظم خواصه. قلت وَالْعجب أَنه استفيض أَنه مقته وَأَن كل مَا حصل لَهُ من الخمود والخمول بِسَبَب ذَلِك وَلم يزل على حَاله إِلَى أَن مَاتَ بعد توعكه مديدة وتكرر اجتماعه)

بِي بعد قدومي من الْحَج غير مرّة فِي يَوْم الْأَحَد حادي عشري صفر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء وَترك أَوْلَادًا رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ وعوضه الْجنَّة وَمن نظمه مِمَّا كتبه عَنهُ الشهَاب الحجاري شَاعِر الْوَقْت:

(إرحم إِلَه الْخلق عبدا مذنبا ... بالجود يَرْجُو الْعَفو فِي كل زمن)

(وهب لَهُ يَا رب رَحْمَة بهَا ... ترحم كل الْخلق سرا وعلن)

مُحَمَّد بن خَلِيل الْمُحب البصروي الدِّمَشْقِي أحد أَعْيَان شافعيتها. مَاتَ قَرِيبا من سنة تسع وَثَمَانِينَ عَن بضع وَسِتِّينَ وَدفن بمقابر بَاب التوتة عِنْد أَبِيه وأقاربه. وَهُوَ مِمَّن تقدم فِي النَّحْو والفرائض والحساب وَالْعرُوض مَعَ الْفِقْه والمشاركة فِي غَيرهَا وتصدى للتدريس والإفتاء فَانْتَفع بِهِ الْفُضَلَاء، وَكَانَ مبارك التدريس حسن التَّقْرِير مَعَ براعة الْخط وَكتب قِطْعَة على كل من الْإِرْشَاد والمنهاج بل أفرد شروحا ثَلَاثَة على فَرَائض الْإِرْشَاد وَكَذَا لَهُ على الخزرجية مطول ومختصر وعَلى المنفرجة وألفية الْبرمَاوِيّ فِي الْأُصُول مزجا وعَلى مُخْتَصر مُصَنف ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وعَلى الْقَوَاعِد الْكُبْرَى لِابْنِ هِشَام وإعراب من الطارقية إِلَى خَاتِمَة الْقُرْآن بل كتب حَاشِيَة على ابْن المُصَنّف لم تكمل وعَلى ألفية الْعِرَاقِيّ مزجا ويغر ذَلِك مِمَّا أوصى بِهِ لتلميذ السَّيِّد العباسي الْبَدْر عبد الرَّحِيم بن الْمُوفق وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>