للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ أَبوهُ يُؤَدب الْأَطْفَال فَنَشَأَ ابْنه طَالب علم فحفظ الْقُرْآن وكتبا، واشتغل وَهُوَ شَاب وَسمع الحَدِيث على إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق الأمدي وَعبد الرَّحْمَن بن عَليّ ابْن الْقَارِي والبرهان بن جمَاعَة وَابْن الفصيح والتنوخي وَابْن الشيخة فِي آخَرين وَأول مَا تخرج بقريبه الْمجد إِسْمَاعِيل الْمَاضِي ولازم الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ وتمهر بِهِ وحرر بعض تصانيفه، وَحضر دروس البُلْقِينِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَأخذ أَيْضا عَن الأبناسي وَابْن الملقن والعراقي وَغَيرهم، وأمعن فِي الِاشْتِغَال مَعَ ضيق الْحَال وَكَثْرَة الْهم بِسَبَب ذَلِك وَصَحب الْجلَال بن أبي الْبَقَاء، وناب فِي الحكم عَن أَبِيه الْبَدْر ثمَّ عَن ابْن البُلْقِينِيّ ثمَّ عَن الأخنائي، ثمَّ أعرض عَن ذَلِك وَأَقْبل على الِاشْتِغَال وَكَانَ للطلبة بِهِ نفع وَفِي كل سنة يقسم كتابا من المختصرات فَيَأْتِي على آخِره وَيعْمل وَلِيمَة ثمَّ استدعاه النَّجْم بن حجي وَكَانَ رافقه فِي الطّلب عِنْد الزَّرْكَشِيّ فَتوجه لدمشق فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَعشْرين فَأكْرمه وأنزله عِنْده وَجلسَ فاستنابه فِي الحكم وَفِي الخطابة، وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل عوضا عَن الشهَاب الْغَزِّي ثمَّ تدريس الرواحية ونظرها عوضا عَن الْبُرْهَان بن خطيب عذراء وتدريس الأمينية عوضا عَن الْعِزّ الحسباني ودرس بهَا بخصوصها يَوْمًا وَاحِدًا وَعَكَفَ عَلَيْهِ الطّلبَة وأقرأ التَّنْبِيه وَالْحَاوِي والمنهاج كل ذَلِك فِي سنة وَغير ذَلِك فاشتهرت فضيلته، وَقدر أَن مَاتَ وَلَده مُحَمَّد الْآتِي فجزع عَلَيْهِ وَكره لذَلِك الْإِقَامَة بِدِمَشْق فزوده ابْن حجي وَكتب لَهُ إِلَى معارفه بِالْقَاهِرَةِ فوصلها فِي رَجَب سنة سِتّ وَعشْرين وَقد اتَّسع حَاله، وتصدى للإفتاء والتدريس والتصنيف وانتفع بِهِ خلق بِحَيْثُ صَار طلبته رؤسا فِي حَيَاته، وباشر وظائف الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ نِيَابَة عَن حفيده وَلبس لذَلِك تَشْرِيفًا بل كَانَ عين لتدريس الْفِقْه بالمؤيدية عوضا عَن شَيخنَا فَلم يتم وَكَذَا كَانَ اسْتَقر فِي مشيخة الفخرية ابْن أبي الْفرج من واقفها وَفِي التَّفْسِير بالمنصورية ثمَّ استنزله عَنْهُمَا ابْن حجي فَعَن الأولى للبرهان البيجوري وَعَن التَّفْسِير لشَيْخِنَا لتنقطع أطماعه عَن الْقَاهِرَة إِلَى غير ذَلِك من الْجِهَات، وَحج فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وجاور الَّتِي بعْدهَا وَنشر الْعلم أَيْضا هُنَاكَ ثمَّ عَاد فِي سنة ثَلَاثِينَ وَقد عين لَهُ بعناية ابْن حجي أَيْضا تدريس الصلاحية ونظرها بالقدس بعد موت الْهَرَوِيّ فِي آخر الْمحرم مِنْهَا فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بهَا قَلِيلا وانتفع بِهِ أهل تِلْكَ النَّاحِيَة أَيْضا وَلم ينْفَصل عَنْهَا إِلَّا بِالْمَوْتِ، وَكَانَ إِمَامًا)

عَلامَة فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا مَعَ حسن الْخط وَالنّظم والتودد ولطف الْأَخْلَاق وَكَثْرَة الْمَحْفُوظ والتلاوة وَالْوَقار والتواضع وَقلة الْكَلَام ذَا شيبَة نيرة وهمة علية فِي شغل الطّلبَة وتفريغ نَفسه لَهُم، وَمن تصانيفه شرح البُخَارِيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>