للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْحَنَفِيّ. /

تجرد وساح وَحج قَدِيما وَأخذ عَن اليافعي وَغَيره وارتقى إِلَى قدم عَظِيم فِي الْعِبَادَة وَصَارَ لَهُ)

مريدون وَأَتْبَاع وَجلسَ بزاويته بماهان فتسلك بِهِ جمَاعَة وصنف فِي التصوف نظما ونثرا، وَذكرت لَهُ كرامات وأحوال بِحَيْثُ تزايد اعْتِقَاد النَّاس فِيهِ ومحبتهم إِيَّاه وَارْتَفَعت حرمته وتزايدت وجاهته، كل ذَلِك مَعَ كَثْرَة تحجبه حَتَّى لَا يظْهر لأَصْحَابه إِلَّا بعد الْعَصْر وَإِذا رَأَوْهُ خروا بأجمعهم حَتَّى تصل وُجُوههم إِلَى الأَرْض ثمَّ رفعوا رُءُوسهم وَقَامُوا بَين يَدَيْهِ وهم منكسون وَهُوَ يتَكَلَّم مَعَهم حَتَّى يفرغ وَلبس جماعته اللبابيد وَكَانَت لَهُ كَلِمَات بالعجمية لَطِيفَة سجعا ونظما على طَرِيق الْقَوْم فِيهَا مَا هُوَ رَقِيق اللَّفْظ وَالْمعْنَى وللهنود والأعاجم فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم. مَاتَ بماهان سنة تسع وَعشْرين عَن مائَة وتسع سِنِين، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَإِن أَتْبَاعه كَانَ يجهرون بِمَا لَا يحْتَملهُ أهل الشَّرَائِع عَفا الله عَنهُ.

٨٦٢ - نعْمَة الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن عبد الْكَرِيم بن نصر الله بن سعد الله بن أبي حَامِد الشّرف أَو الشهَاب أَبُو الْخَيْر بن الْعَفِيف الْقرشِي الْبكْرِيّ الجرهي بِفَتْح الْجِيم وَالرَّاء كَمَا ضَبطه شَيخنَا وحقق لي غَيره من الْفُقَهَاء كسرهما مَعًا الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيُسمى أَحْمد من بَيت كَبِير. ولد فِي صفر سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة بشيراز وَسمع الْكثير من أَبِيه وَجَمَاعَة بِمَكَّة وحبب إِلَيْهِ الطّلب. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: شَاب فَاضل قدم الْقَاهِرَة من مَكَّة فِي طلب الحَدِيث فَسمع الْكثير ولازمني مُدَّة طَوِيلَة وَقَرَأَ عَليّ كثيرا وَطَاف على الشُّيُوخ واشتغل فِي عدَّة عُلُوم وَمهر وَفضل فِي مُدَّة يسيرَة، وعلق أَشْيَاء حَسَنَة وَجمع مجاميع ثمَّ توجه إِلَى بِلَاده فِي شَوَّال سنة تسع وَثَلَاثِينَ لزيارة وَالِده فبلغني أَنه تزوج وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي رَابِع رَجَب سنة أَرْبَعِينَ، زَاد غَيره فِي لَيْلَة جُمُعَة أول جُمُعَة مِنْهُ ببندر من بنادر هُرْمُز رَحمَه الله، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار، وَأثْنى عَلَيْهِ وَأورد شَيخنَا فِي مُعْجَمه عَنهُ من نظمه مِمَّا كتب بِهِ إِلَيْهِ:

(يَا من علا بالعلى عَن وصف وصاف ... وفَاق جلّ الورى فِي كل أَوْصَاف)

(وَصَحَّ عَنهُ حَدِيث الْجُود ننقله ... عَن كَفه الْبَحْر أَو عَن سحب أسلاف)

(تواترا بلغ الْآفَاق واشتهرا ... عز الْغَرِيب لَدَى أفضاله الوافي)

(خفضت مَنْصُوب رايات العداة كَمَا ... رفعت حَالَة سوال الأرياف)

(قصدت حضرتك العلياء من وطني ... هجرت صُحْبَة إخْوَانِي وألاف)

(حرصا على الْعلم والتحصيل مُجْتَهدا ... لعلني أغترف من بحرك الصافي)

<<  <  ج: ص:  >  >>