للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى أَن رَأَيْته بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَتِسْعين بهيئة مزرية جدا وَقد انهرم وَانْقطع جلّ وسواسه، وَكَانَ قدومه بِسَبَب مُطَالبَة بِإِرْث قَلِيل وَالْتمس مني التَّكَلُّم مَعَ قاضيها فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِ فَفعلت وَأكْثر من الْحُضُور عِنْدِي رِوَايَة ودراية بل قَرَأَ هُوَ بِنَفسِهِ عَليّ من شرح الألفية للناظم وَكتب من شرحي لَهَا يَسِيرا وَكثر تعجبه مِمَّا لم ينْهض لفهمه وَرُبمَا تكلم بِمَا لَا يلاقي مَا الْكَلَام فِيهِ هَذَا مَعَ أَنه نظم النخبة لشَيْخِنَا قَدِيما وقرضه لَهُ جمَاعَة مِنْهُم ابْن الديري وَأذن لَهُ بل كتبه عَنهُ صاحبنا النَّجْم بن فَهد وَصَارَ فِي أثْنَاء اجتماعه عَليّ يقْرَأ عَليّ مِنْهُ وَيسْأل فِي تَقْرِير مَا وَضعه عَن غير تدبر وَلَا تفهم مِنْهُ فَكنت أقرره لَهُ وَكتب مِنْهُ بِخَطِّهِ نُسْخَة للْقَاضِي وَعرضه على عبد الْمُعْطِي وَغَيره فَمَا لَاق عِنْد كثيرين، وأعلمني بِأَنَّهُ جمع بشرى الْأَنَام سيرة خير الْكِرَام وبغية السول فِي مدح الرَّسُول وَالْكَوَاكِب الضوية فِي مدح خير الْبَريَّة وَالْمَجْمُوع الْحسن من الْخلق الْحسن وَفتح الْمُنعم على مُسلم والابتهاج على الْمِنْهَاج وَلم يكملا والمنتقى من أبي دَاوُد وَمن أمد والمتباينات الَّتِي قَالَ أَنه أمْلى بَعْضهَا وعشاريات الصَّحَابَة وأصول قِرَاءَة أبي عَمْرو وَغير ذَلِك، وَقد حدث باليسير سمع مِنْهُ الطّلبَة بل قَالَ لي أَن سبط شَيخنَا سمع مِنْهُ شَيْئا أوردهُ فِي متبايناته، وَأما أَنا فَكتبت عَنهُ فِي ربيع الأول سنة أَربع وَتِسْعين حِين اجتماعه عَليّ بِمَكَّة قَوْله:

(يَا مُرِيد الْخَيْر أخْلص عَمَلك ... وتخلص من دنيء شغلك)

(وانو خيرا لامرئ مَا قد نوى ... إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ لَك)

(وَافْعل الْخَيْر فَإِن لم تستطع ... كفت النِّيَّة وَالْأَجْر فلك)

)

وَقَوله:

(إِن كنت تبغي فِي الْعلَا للجنان ... عَلَيْك يَا صَاح بِحِفْظ اللِّسَان)

(فَهَل وُجُوه النَّاس كبت سوى ... حصائد الألسن من ذِي لِسَان)

وَبِالْجُمْلَةِ فنظمه رَكِيك وفهمه بطيء وَلم يتَمَيَّز وَلَا كَاد بل هُوَ جامد راكد.

١٠١٨ - يحيى بن مُحَمَّد بن صديق بن يحيى المرزوقي الْيَمَانِيّ الزبيدِيّ الشَّافِعِي / مِمَّن جاور بالحرمين واشتغل فيهمَا بالفقه والنحو، ولقيني بِمَكَّة فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين فَكتب الْمَقَاصِد الْحَسَنَة من تأليفي وقرأه، وَكَذَا قَرَأَ عَليّ التِّبْيَان للنووي وَسمع الْكثير من الْكتب السِّتَّة وتصافنيفي فِي ختومها وَنَحْو الثُّلُث الأول من الشفا مَعَ خَتمه ومؤلفي فِيهِ وَبَعض الشَّمَائِل والرياض، وَغير ذَلِك مَعَ سَمَاعه للمسلسل من لَفْظِي، وكتبت لَهُ إجَازَة فِي كراسة وَصفته فِيهَا بالشيخ الْفَاضِل الأوحد الْكَامِل الْمقبل على الْخَيْر علما وَعَملا والمشتمل على المحاسن

<<  <  ج: ص:  >  >>