عَن النَّاس خُصُوصا فِي أَوَاخِر عمره بِحَيْثُ أَنه استنجز مرسوما بإعفائه عَن عُقُود الْمجَالِس وَشبههَا غير مَدْفُوع عَن رياسة وحشمة مَعَ حسن الشكالة والبهاء وَعدم التكثر بِمَا لَدَيْهِ من الْفَضَائِل ذَا أنسة بالفن لم أر بِبَلَدِهِ فِي مَعْنَاهُ أجل مِنْهُ وَقد عظمه الأكابر وَمِمَّنْ كَانَ يجله وَيعرف لَهُ كريم أَصله شَيخنَا وَهُوَ من قدماء أَصْحَابه وَمِمَّنْ ترافق مَعَه فِي السماع بِدِمَشْق وَلَكِن رَأَيْت ابْن أبي عذيبة أَشَارَ لتوهينه بِمَا لَا يقبل من مثله بعد وَصفه لَهُ بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة مفتي الْقُدس وَشَيْخه وَأَنه حصلت لَهُ رياسة عَظِيمَة فِي الدولة الأشرفية وَصَارَ يرد عَلَيْهِ فِي كل سنة من السُّلْطَان خلعة وَغَيرهَا بوساطة الزيني عبد الباسط وَحصل دنيا وَاسِعَة وخدم وَلما مَاتَ فتر سوقه وَصَارَ أَكثر أوقاته لَا يخرج من بَيته لمَرض حصل لَهُ فِي رجلَيْهِ ثمَّ نقل عَن البقاعي أَنه مَا زَالَ يخالط الأكابر بِحسن الْآدَاب ويستجلب الْقُلُوب باللطف أَي استجلاب إِلَى أَن صَار رَئِيس بَيت الْمُقَدّس بِغَيْر مدافع وملجأهم عِنْد المعضلات بِدُونِ مدافع انْتهى وَلم يزل على وجاهته حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث عشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبع وَسِتِّينَ بِبَيْت الْمُقَدّس وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الظّهْر من الْغَد بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى تقدم النَّاس ابْن أَخِيه الْخَطِيب شهَاب الدّين وَدفن بمقبرة مَا ملا عِنْد قُبُور أسلافه رَحمَه الله وإيانا ١٩ {أَبُو بكر) بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن سَالم الحرضي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الصُّوفِي ابْن الصُّوفِي رَأَيْت لَهُ ديوَان شعر فِيهِ قصائد نبوية وَغَيرهَا مِنْهَا أول قصيدة
(بطولك يَا ذَا الطول يَا غَافِر الذَّنب ... بقربك فِي بعد ببعدك فِي قرب)
(بقدسك يَا قدوس عَن كل مفتري ... من الضِّدّ والأنداد والشبه وَالضَّرْب)
(بجودك يَا ذَا الْجُود وَالْمجد والسنا ... بمنك يَا منان يَا كاشف الكرب)
وَالْغَالِب عَلَيْهِ التصوف وَالْخَيْر وَهُوَ مُعظم فِي ناحيته يتناشدون أشعاره وَرَأَيْت من وَصفه من أهل بَلَده بالشيخ الْفَاضِل الصَّالح الْعَارِف المتقن المفنن الفصيح الْخَطِيب النسيب وَكَذَا قَالَ لي آخر مِنْهُم الرحماني نِسْبَة لقبيلة القراضي الأَصْل الحرضي المولد وَالدَّار الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بالصوفي أَخذ عَن الْكرْمَانِي ونظم كثيرا ونظمه سَائِر وأنشدني هَذَا وَهُوَ مِمَّن أَخذ عني من نظمه عدَّة قصائد فحلة بديعة وَقَالَ لي إِنَّه جمع دواوين كَثِيرَة كلهَا نبوية أَو نَحْوهَا وَلم يمدح أحدا من الْأَحْيَاء قَالَ وَله أَيْضا كتاب سَمَّاهُ رَوْضَة الحنفاء فِي السّير وَنَحْوهَا وَهُوَ الْآن سنة ثَلَاث وَتِسْعين فِي الْأَحْيَاء وَسنة سِتّ وَسَبْعُونَ سنة قلت وَأرْسل إِلَيّ فِي سنة أَربع وَتِسْعين يستجيزني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute