وَسمع ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وتميز فِي الْفُرُوع وَشرح التَّنْبِيه قَدِيما وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْحمق ٢١ (أَبُو بكر) بن مُحَمَّد بن شاذي التقي الحصني الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة ولد سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة حصن كيفا وَكَانَ أَبوهُ من مياسير تجارها فَنَشَأَ فِي كفَالَته وَحفظ الْقُرْآن والشاطبية وَالْحَاوِي والشافية والكافية وَتَمام عشرَة كتب على مَا كَانَ يخبر وجود الْقُرْآن على بعض شُيُوخ بَلَده بل وَقَرَأَ الْقرَاءَات أَيْضا على ولد لِابْنِ الْجَزرِي وَأخذ عَنهُ طَريقَة فِي تَقْرِير تصريف الْعُزَّى وَكَذَا أَخذ الْمُتَوَسّط والجاربردي وَغَيرهمَا عَن الْجلَال مُحَمَّد بن الْعِزّ الحلوائي وَكتب الْمَنْسُوب وارتحل فلقي الْبِسَاطِيّ بحلب فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ واستفاد مِنْهُ يَسِيرا وَأثْنى الْبِسَاطِيّ على جودة فهمه حَتَّى أَنه قَالَ لم يجئنا مِمَّا وَرَاء النَّهر مثل هَذَا الشَّاب ثمَّ إِنَّه لم يَتَيَسَّر لَهُ دُخُول الْقَاهِرَة إِلَّا فِي مرض مَوته وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين فَقَرَأَ على القاياتي فِي الْعَضُد وَكَانَ يَحْكِي مَا يدل على أَنه لم يرتض أمره فِيهِ وعَلى الْعلم البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه والْعَلَاء القلقشندي فِي آخَرين مِنْهُم الشَّمْس الشرواني وَعبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَأخذ الْقرَاءَات رَفِيقًا لِابْنِ كزلبغا عَن حبيب العجمي وَأقَام يَسِيرا ثمَّ عَاد لبلده فَوجدَ قَاصد صَاحبهَا مُتَوَجها إِلَى هراة فرافقه إِلَيْهَا فَلَزِمَ عالمها ملا مُحَمَّد بن مُوسَى الجاجرمي تلميذ يُوسُف الحلاج تلميذ السَّيِّد حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الْعَضُد بِكَمَالِهِ وَسمع شرح المواقف وَشرح الطوالع وَأقَام هُنَاكَ خَمْسَة أَعْوَام فَأكْثر مديما للاشتغال مجدا فِي التَّحْصِيل إِلَى أَن برع وارتفق فِي إِقَامَته بميراثه من أَبِيه وَحصل هُنَاكَ من نفائس الْكتب أَشْيَاء وَعَاد من طَرِيق الْعرَاق فحج وَدخل الْقَاهِرَة بعد أَن اقتطع بمَكَان يُقَال لَهُ وَادي السبَاع وَأخذ جَمِيع مَا مَعَه من كتب وَغَيرهَا فألقيت الْكتب بالبرية لعدم التفاتهم إِلَيْهَا وَلكنه لم يجد محملًا لَهَا فَتَركهَا وَنَجَا بِنَفسِهِ مَعَ أَخذ يسير مِمَّا أمكنه مِنْهَا وتأسف كثيرا بِسَبَبِهَا حَتَّى أَنه صَار كلما تذكر يتألم وَأنْشد لنَفسِهِ
(يَا نفس لَا تجزعي مِمَّا جرى ... وارضي بِتَقْدِير الْعَزِيز الغفور)
(واتلي على الطاغين فِي ظلمهم
(أَلا إِلَى الله تصير الْأُمُور)
وتصدى حِينَئِذٍ وَذَلِكَ بعد سنة خمس وَأَرْبَعين للإقراء بِجَامِع الْأَزْهَر وبالمدرسة الملكية والبدرية المجاورين للمشهد لسكناه هُنَاكَ وقتا وتجرع فاقة كَبِيرَة إِلَى أَن استقربه الزيني الاستادار فِي تدريس مدرسته الأولى الْمُقَابلَة للحوض المجاور لبيت الْبِسَاطِيّ كَانَ بَين السورين ثمَّ عَزله عَنْهَا بطعن أبي الْعَبَّاس المجدلي عِنْده فِي علمه وترجيحه لنَفسِهِ عَلَيْهِ وَقرر الْمَذْكُور عوضه ثمَّ لم يلبث أَن صرفه حَيْثُ ذكر لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute