للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَأَما المجيبون وَالَّذين استمروا مِنْهُم على الْإِجَابَة يعيشون مُؤمنين ويموتون كَذَلِك وَالَّذين قَالُوا ليتنا سكتنا يعيشون)

مُؤمنين لكَوْنهم أجابوا ويموتون كفَّارًا لكَوْنهم تمنوا السُّكُوت وَأما الساكتون الَّذين استمروا على السُّكُوت مِنْهُم يعيشون كفَّارًا ويموتون كَذَلِك وَالَّذين قَالُوا ليتنا أجبنا يعيشون كفَّارًا لسكوتهم أَولا ويموتون مُؤمنين لتمنيهم الْإِجَابَة فِي ثَانِي الْحَال ثمَّ حُكيَ أَن عابدا عبد الله مائَة سنة ثمَّ حَضرته الْوَفَاة فَاسْتَدَارَ نَحْو الْمشرق فاستعظم خادمه ذَلِك فَقَالَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ أَن نَفسه حصل لَهَا إعجاب فخذلت وَمَات على غير التَّوْحِيد فطار قلب الْخَادِم خوفًا وَأكْثر النحيب فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذْ طرق الْبَاب فَخرج فَإِذا رَاهِب فَقَالَ مَا شَأْنك قَالَ أَن رَاهِبًا منا مَاتَ فوجهناه إِلَى الشرق فَتوجه إِلَى الْقبْلَة وَمَات مُسلما فَجئْت إِلَيْك لتسأل لي شيخك مَاذَا نصْنَع بِهِ فَقَالَ أَن شَيْخي قد مَاتَ إِلَى الشرق كَافِرًا فهات ميتنا وَخذ ميتكم فدفنوا الراهب بالزاوية ونقلوا الشَّيْخ إِلَى مَقْبرَة الرهبان وَكَانَ اسْم الْخَادِم عليا وَكَانَ فِي الْخَلِيل فَاشْتَدَّ خَوفه لذَلِك إِلَى أَن كَانَ لَا يفتر من الْبكاء وَلَا يهجع من النحيب فَسمى الشَّيْخ عَليّ الْبكاء قَالَ صَاحب التَّرْجَمَة فَلَمَّا سَمِعت هَذِه الْحِكَايَة حصل لي مِنْهَا مَا أزعج نَفسِي وأطار عَقْلِي وأدهش فكري وَأطَال غمي وأدام همي بِحَيْثُ بقيت أَيَّامًا لَا أَنَام أصلا وَلَا آكل إِلَّا كَمَا يَأْكُل العليل وَلَا شغل لي إِلَّا الافتكار وَأَنِّي من أَي قسم أكون فَبينا أَنا لَيْلَة أفكر إِذْ جرى على لساني كَلَام فِي معنى مَا أَنا فِيهِ وكتبته فِي لوح كَانَ عِنْدِي ثمَّ تتَابع حَتَّى تمّ فِي هَذِه الْقطعَة وَاسْتمرّ بعد ذَلِك ينظم فِي الْفُنُون والأبحر وَالنّظم سهل عَلَيْهِ جدا غير أَنه لَا يعرف النَّحْو فنظمه فِي البحور كثير اللّحن وَلَا عجب أَن كَانَ النحال لحانا وَهَذِه الْقطعَة من أحسن مَا نظمه وَقد كتبتها عَنهُ سنة سِتّ وَأَرْبَعين ببلبيس وأولها:

(ضَاعَ عمري فِي افتكاري ... وَلَا أَدْرِي مَا الْخَبَر)

(وَأصْبح قلبِي حَزِين ... يَا ترى أَيْن الْمقر)

وَمَات بعد ذَلِك فِي.

إِبْرَاهِيم بن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل برهَان الدّين الْأنْصَارِيّ الصنهاجي الأَصْل المنصوري نِسْبَة للمنصورة بالشرقية ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ الْعدْل بالرخاصي. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَقيل سنة تسعين وَبَينهمَا بون كَبِير وَالثَّانِي أشبه بالمنصورة وَحفظ الْقُرْآن ثمَّ انْتقل إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>