وَلَا حَاشِيَة مَعَ استحضاره لتقرير مشايخه فِيمَا يتَوَقَّف الْعلم بالمراد غَالِبا عَلَيْهِم يه وَحكى لي بعض أخصائه من ثِقَات تلامذته أَنه سَمعه بعيد الْخمسين يَقُول أَنه أَقرَأ المطول بِغَيْر مطالعة اثْنَتَيْ عشرَة مرّة قَالَ ذَلِك وَقد اتّفق دُخُول اثْنَيْنِ من أَبنَاء الْعَجم الجمالية فوجداه يقرئ فِيهِ فَجَلَسَا عِنْده وبحثا مَعَه واستشكلا عَلَيْهِ فَلم يَنْقَطِع عَنْهُمَا بل افحمهما بِحَيْثُ امْتَلَأت أعينهما من جلالته وصرحا بعد الِانْفِصَال عَنهُ للمشار إِلَيْهِ بِأَنَّهُمَا لم يظنا فِي أَبنَاء الْعَرَب من ينْهض بذلك وَبلغ الشَّيْخ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ مَا تقدم، وَأخذ عَنهُ علم الْعرُوض رَفِيقه الْعَلامَة سيف الدّين)
بن الخوندار، وَكَذَا حدث بِأَكْثَرَ مروياته قَرَأت عَلَيْهِ الْكثير من سنة خمسين وَبعدهَا وَحَضَرت كثيرا من دروسه فِي الْعَضُد والكشاف وَغَيرهمَا وَأخذت عَنهُ شَرحه لنظم النخبة وَشرح وَالِده لمتن النخبة وَخرجت لَهُ قَدِيما مشيخة وقف عَلَيْهَا شَيخنَا وَكتب عَلَيْهَا وَوصف التقي بِالْإِمَامِ الْعَلامَة فَخر المدرسين مُفِيد الطالبين مفتي الْمُسلمين ووالده بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة الْمُحدث المكثر الْمُفِيد وَقَالَ متع الله الْمُسلمين بِبَقَائِهِ وداوم ارتقائه وَحدث بهَا مرَارًا وَخرجت لَهُ باخرة المسلسل بالنحاة وَحدث بِهِ أَيْضا وَكَانَ لَا يقدم على أحد من الأكابر فضلا عَن غَيرهم وينوه بِي فِي غيبتي كثيرا وقرض لي عدَّة من تصانيفي بل وانتقى بَعْضهَا وَفِي تَفْصِيل ذَلِك طول وَكَانَ إِمَامًا علما عَلامَة مفننا سنيا متين الدّيانَة زاهدا عفيفا متواضعا متوددا صبورا حسن الصِّفَات مُنْقَطع القرين سريع الْإِدْرَاك قوي الحافظة ممتع المحاضرة جيد الْكِتَابَة فصيحا رائق الْعبارَة قادرأ على التَّعْبِير عَن مُرَاده بعبارات متنوعة فِي نثر حسن وَرُبمَا نظم أَيْضا فَكتبت من نظمه مَا عمله لما ولي الظَّاهِر ططر ونوه بقتْله وَخيف من فَسَاد التّرْك:
(يَقُول خليلي العدا أضمرت ... إِذا مَاتَ ذَا الْملك سوء الورى)
(فَقلت سل الله إبقاءه ... وَيَكْفِينَا الظَّاهِر المضمرا)
كل ذَلِك مَعَ الشهامة وَحسن الشكالة والأبهة وبشاشة الْوَجْه ومحبة الحَدِيث وَأَهله وحطه على الاتحادية وَمن زاغ مِمَّن ينْسب إِلَى التصوف وتقلله من التبسط فِي الدُّنْيَا وتقنعه بخلوة فِي الجمالية يسكنهَا وَأمة سَوْدَاء لقَضَاء وطره وَغير ذَلِك وَكَونه لَيْسَ باسمه سوى مشيخة مدرسة اللالا وراتب يسير بالجوالي وَلذَلِك لما التمس مِنْهُ قانباي الجركسي حِين ابتنى تربته الَّتِي تَحت قلعة الْجَبَل بإرشاد بعض أَصْحَابه لَهُ فِي ذَلِك الْإِقَامَة فِيهَا وَيكون خطيبها وَشَيخ الصُّوفِيَّة بهَا مَعَ غير ذَلِك من الْوَظَائِف ويهيئ لَهُ مسكنا حسنا أجَاب وتحول فَأَقَامَ بهَا وَكَانَ ذَلِك سَببا لمزيد انجماعه وعكوفه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute