للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى الديار المصرية ثمَّ تَأْخِير ذَلِك لطمعه فِي الِاسْتِقْرَار فِي قَضَاء الْأَقْضِيَة بعد الْمجد الشِّيرَازِيّ اللّغَوِيّ فَلم يتم لَهُ مناه بل كَانَ يرجوه فِي حَيَاة الْمجد ويتحايل عَلَيْهِ بِحَيْثُ أَن الْمجد عمل للسُّلْطَان الْأَشْرَف كتابا أول كل سطر مِنْهُ ألف واستعظمه السُّلْطَان فَعمل الشّرف كِتَابه الْحسن الَّذِي لم يسْبق إِلَى مِثَاله الْمُسَمّى عنوان الشّرف وَالْتزم أَن تخرج من أَوَائِله وأواخره وأواسطه عُلُوم غير الْعلم الَّذِي وضع الْكتاب لَهُ وَهُوَ الْفِقْه لكنه لم يتم فِي حَيَاة الْأَشْرَف فَقدم لوَلَده النَّاصِر وَوَقع عِنْده بل وَعند سَائِر عُلَمَاء عصره بِبَلَدِهِ وَغَيرهمَا موقعا عَظِيما وأعجبوا بِهِ وَهُوَ مُشْتَمل مَعَ الْفِقْه على نَحْو وتاريخ وعروض وقواف. وَكَذَا اختصر الرَّوْضَة وَسَماهُ الرَّوْض بِاخْتِصَار اسْمهَا أَيْضا وَالْحَاوِي الصَّغِير وَسَماهُ الْإِرْشَاد وَشَرحه فِي مجلدين وَعمل بديعيه على نمط بديعية الصفي الْموصِلِي وقصيدة استنبط فِيهَا معَان كَثِيرَة تزيد على ألف ألف معني إِلَى غير ذَلِك نظما ونثرا ونظمه كثير التَّجْنِيس والبديع حسن التَّرْتِيب والترصيع حَتَّى أَن النفيس الْعلوِي قَالَ أَنه سمع بِالْيمن كلا من شَيخنَا وَشَعْبَان الآثاري يَقُول مَا أعلم اعْلَم وَلَا أفْصح فِي الشّعْر مِنْهُ وَهُوَ يُربي على أبي الطّيب المتنبي وَقَالَ هُوَ الْفَقِيه الإِمَام الْعَالم ذُو الْفَهم الثاقب والرأي الصائب بهاء الْفُقَهَاء نور الْعلمَاء علما وَعَملا وَصَاحب الْحَال)

المرضي قولا وفعلا الْمُعْتَكف عل التصنيف والتحرير والمقبل عَلَيْهِ مُلُوك الْيمن فِي الرَّأْي وَالتَّدْبِير لَهُ الحظوظ التامه عِنْد الْخَاصَّة والعامة وَهُوَ بذلك جدير وحقيق، وَقَالَ الْمُوفق الخزرجي إِنَّه كَانَ فَقِيها محققا باحثا مدققا مشاركا فِي كثير من الْعُلُوم والاشتغال بالمنثور والمنظوم أَن نظم أعجب وأعجز وَإِن نثر أَجَاد وأوجز فَهُوَ المبرز على أترابه والمقدم على أقرانه وَأَصْحَابه وَكَانَ يَقُول الشّعْر الْحسن مَعَ كَرَاهَته أَن ينْسب إِلَيْهِ قلت حَتَّى أَنه قَالَ:

(بِعَين الشّعْر أبصرني أنَاس ... فَلَمَّا سَاءَنِي أخرجت عينه)

(خُرُوجًا بعد رَاء كَانَ رأبى ... فَصَارَ الشّعْر مني الشَّرّ عينه)

ثمَّ قَالَ الخزرجي ويتعانى فِي غالبه التَّجْنِيس واستنباط الْمعَانِي الغريبة بِحَيْثُ يَأْتِي بِمَا يعجز عَنهُ غَيره من الشُّعَرَاء فِي أحسن وضع وأسهل تركيب وامتدح الْأَشْرَف إِسْمَاعِيل بن الْعَبَّاس وَغَيره وَلم يزل الْأَشْرَف يلحظه ويقدمه وَهُوَ جدير بذلك فقد كَانَ غَايَة فِي الذكاء والفهم لَا يُوجد لَهُ نَظِير، وَله تصانيف فِي النَّحْو وَالشَّرْع وَالْأَدب وَغير ذَلِك، وَقد قَرَأَ على ديوَان المتنبي فاستفدت بفهمه وذكائه أَكثر مِمَّا اسْتَفَادَ مني وَكنت أحب أَن لَو أتمه لَكِن حصل عائق.

وَقَالَ شَيخنَا فِي أنبائه

<<  <  ج: ص:  >  >>