للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قريب طُلُوع الْفجْر ثمَّ توجه إِلَى قاعة السُّلْطَان الكائنة بالقلعة وَأمر بِطَلَب دَرَاهِم مِمَّن هُوَ بالقلعة من الحلبيين فَكتبت أَسمَاء النَّاس وَقبض عَلَيْهِم وعوقبوا بأنواع من الْعَذَاب بِحَيْثُ لم يسلم من الْعقُوبَة الا الْقَلِيل ونهبوا القلعة وَأخذُوا من الْأَمْوَال والأقمشة مَا أذهل التتار وَلم يظفروا فِي مملكة بِمثلِهِ وَأقَام التتار بحلب يعاقبون وَيَأْخُذُونَ الْأَمْوَال إِلَى يَوْم السبت مستهل أَو ثَانِي ربيع الآخر، ثمَّ رَحل إِلَى جِهَة دمشق وَترك بحلب طَائِفَة من التتار بالقلعة وبالمدينة وَأمر على القلعة الْأَمِير مُوسَى، وَكَانَ فِيهِ لطف على مَا قيل واحسان مَعْرُوف وَحبس من كَانَ فِي القلعة من الْأَعْيَان بهَا تَحت أَيدي التتار وَلم يسلم من ذَلِك الا من هرب فوصل تمر إِلَى دمشق وَكَانَ قد وصل اليها النَّاصِر فرج بعساكر الديار المصرية لدفع التتار وَحصل بَينهم قتال أَيَّامًا ثمَّ إِن الْعَسْكَر الْمصْرِيّ وَقع الْخلف بَينهم فِي الْبَاطِن وداخلهم الفشل فانكسروا وولوا رَاجِعين)

إِلَى جِهَة مصر، واقتفى التتار آثَارهم يسلبون من قدرُوا عَلَيْهِ أَو لحقوه وَرجع السُّلْطَان إِلَى مصر وَأخذ تمرلنك دمشق وَفعل بهَا أعظم من فعله بحلب فقصد من بالقلعة أَن يمْتَنع مِنْهُ فَأخذ بالأخشاب وَالتُّرَاب وَالْحِجَارَة وَبنى برجين قبالة القلعة من نَاحيَة جسر الزلابية فأذعنوا حِينَئِذٍ ونزلوا فتسلمها وَنهب الْمَدِينَة وخربها خرابا فَاحِشا لم نسْمع بِمثلِهِ وَلم يصل التتار أَيَّام هولاكو إِلَى قريب مِمَّا فعل بهَا التتار أَيَّام تيمور وَاسْتمرّ بِدِمَشْق إِلَى الْعشْر الثَّانِي من شعْبَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى نَاحيَة حلب قَاصِدا بِلَاده فَلَمَّا قرب مِنْهَا أَمر من كَانَ من التتار بهَا بالرحيل وان يصحبوا من بالقلعة من المعتقلين خلا الْقُضَاة فَأطلق الشّرف مُوسَى الانصاري والكمال عمر بن العديم وَجَمَاعَة مَعَهم وَأخذ بَقِيَّتهمْ إِلَى جِهَة بِلَاده فَمنهمْ من هرب من أثْنَاء الطَّرِيق وَمِنْهُم من اسْتمرّ مَعَهم عَجزا ورحل التتار كَمَا أَمرهم تمرلنك من حلب فِي الْعشْر الثَّانِي من شعْبَان وأسروا جَمِيع من صادفوا فِي طريقهم من النِّسَاء وَالصبيان بعد أَن أحرقوا حلب مرّة ثَانِيَة وهدموا أبراج القلعة وسور الْمَدِينَة وخربوا الْمَسَاجِد والجوامع والمدارس وَقتلُوا وَسبوا وأسروا وَاسْتَحَلُّوا الدِّمَاء والفروج وَقَالَ الشُّعَرَاء فِي ذَلِك قصائد شبه الرثاء والتوجع وَنَحْو ذَلِك، وَلما رَجَعَ إِلَى جِهَة بِلَاده أَنَاخَ على قرا بَاغ إِلَى السّنة الثَّانِيَة وَهِي سنة أَربع فَجمع وحشد وَقصد بِلَاد الرّوم فَجمع سلطانها أَبُو يزِيد عسكره وَتقدم كل من الْفَرِيقَيْنِ إِلَى الآخر فحصلت مقتلة عَظِيمَة انْكَسَرَ فِيهَا صَاحب الرّوم وَأسر وتفرق شَمل عَسْكَر الرّوم فَأخذ تمرلنك مَا يَلِي أَطْرَاف الشَّام من بِلَاد الرّوم وَأخذ برصا وَهِي كرْسِي مملكة الرّوم ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاده وَمَعَهُ أَبُو يزِيد صَاحب الرّوم معتقلا فتوفى فِي اعتقاله من السّنة وَاسْتمرّ تمرلنك فِي بِلَاد

<<  <  ج: ص:  >  >>