أَخذهَا عَنهُ بعض الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ صاحبنا النَّجْم بن فَهد وبيننا من الود مَالا أنهض بوصفه وَقد اسْتَفَادَ مني كثيرا من التراجم وَالْأَحَادِيث وَكتب بِخَطِّهِ من تصانيفي جملَة سوى مَا عِنْده بِغَيْر خطه وافتتح بعض مَا كتبه عني بقوله أنبأ شَيخنَا الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ الْأُسْتَاذ الْعَلامَة فلَان. وَكَانَ بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ سَافر مِنْهَا فِي أَوَائِل ربيع الثَّانِي إِلَى دمشق مَحل استيطانه فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ قَرِيبا من نصف لَيْلَة السبت ثامن عشر رَجَب سنة ثَمَانِينَ بعد توعك نَحْو يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ صلى الصُّبْح يَوْم الْخَمِيس بِمَسْجِد تجاه مدرسة أبي عمر ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَيته فَأَقَامَ فِي مَكَان مِنْهُ عَادَته الْجُلُوس فِيهِ حَتَّى يُصَلِّي الضُّحَى فَلَمَّا دخل وَقتهَا قَامَ ليصليها قَائِما فَمَا اسْتَطَاعَ فَجَلَسَ ثمَّ غلب عَن نَفسه كَمَا قَامَ وَاسْتمرّ بَاقِي يَوْمه وَالَّذِي يَلِيهِ لَا يسمع مِنْهُ سوى قَول الْحَمد لله بهمة جَريا على عَادَته حِين قِرَاءَته الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة لكَون الصَّلَاة كَانَت آخر عَهده حَتَّى مَاتَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن بجوار مواخيه قَاسم وَبلغ أمْنِيته فَإِنَّهُ كَانَ حِين إِقَامَته بِالْقَاهِرَةِ يرام مِنْهُ الْإِقَامَة بهَا فَيَقُول لَا أَمُوت بِبَلَد غير الَّذِي مَاتَ فِيهِ أخي لأنني أعلم مِنْهُ أنني لَو مت قبله لم يُفَارق قَبْرِي فِي أشباه هَذَا من الْكَلَام وَكَانَ قد تزوج بِزَوْجَتِهِ بعده وَكَأَنَّهُ بِوَصِيَّة مِنْهُ رحمهمَا الله وإيانا ونفعنا بِهِ.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْبُرْهَان البهنسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي. ولد فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة فِيمَا كتبه بِخَطِّهِ وَقَول غَيره سنة خمس وَسِتِّينَ غلط بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن لأبي عَمْرو على الشَّيْخ مُحَمَّد التروجي وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك وَعرض على السراج بن الملقن وَعبد الْخَالِق بن عَليّ بن الْفُرَات وأجازا لَهُ وَأخذ النَّحْو عَن الشهَاب الأميوطي وَالْفِقْه عَن فتح الدّين التزمنتي والعز السُّيُوطِيّ وَبحث فِي الْأُصُول على عَليّ بن حمْرَان المنوفي وَحج مرَّتَيْنِ الأولى قبل الْبلُوغ وَالْأُخْرَى فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَدخل دمياط على قدم التَّجْرِيد وتنزل فِي صوفية البيبرسية. وولع بالنظم وبرع فِيهِ بِحَيْثُ أَتَى مِنْهُ بِمَا يستطرف وَخمْس الْبردَة تخميسا غَرِيبا فَإِنَّهُ افْتتح بصدر بَيت الأَصْل وَختم بعجزه وَكَلَامه بَينهمَا وَكتب عَنهُ من نظمه الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ كتب عَنهُ ابْن فَهد والبقاعي. وَمَات فِي أَوَائِل ربيع الأول سنة سِتّ وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ.)