للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جَامع البشيري وسيقت إِلَيْهِمَا الضيافات وَسَائِر أَنْوَاع المآكل والتفكهات وَنَحْو ذَلِك من السُّلْطَان فَمن دونه فَكَانَ شَيْئا عجبا يزِيد على الْوَصْف وَلم يلبث بعد عمل الْمصلحَة من السَّيِّد أَن أُعِيد لوظيفتي الْقَضَاء وَالنَّظَر وَذَلِكَ فِي أَوَائِل صفر مِنْهَا وجهز قَاصد بِمَكَّة للإعلام بذلك فوصلها فِي لَيْلَة سَابِع ربيع الأول وباشر ذَلِك عَنهُ نَائِبه وَابْن عَمه القَاضِي جمال الدّين بن نجم الدّين وَاسْتمرّ مُقيما هُوَ وَالسَّيِّد وَمن مَعَهُمَا بالديار المصرية على أسر حَال وأبهجه إِلَى موسم السّنة الْمعينَة مُمْتَنعا من الْإِفْتَاء والإقراء وعد ذَلِك من وفور عقله فَعَاد إِلَى مَكَّة وَقد تزايدت وجاهته وَتَنَاهَتْ ضخامته إِلَى أَن حج السُّلْطَان فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ بعد انهاء مدرسته الَّتِي أنشئت لَهُ بمَكَان رِبَاط السِّدْرَة وَنَحْوه فَزَاد فِي تَعْظِيمه وَتَبعهُ فِي الطّواف وَالسَّعْي وَنَحْوهمَا مِمَّا استرشد فِيهِ من تَعْلِيمه وَقَررهُ شيخ الصُّوفِيَّة والدرس بهَا وَحضر مَعَه أول يَوْم وَحِينَئِذٍ رغب لِابْنِهِ عَن مشيخة الجمالية لمعارضتهما ثمَّ استنابه فِي الْقَضَاء وَصَارَ هُوَ يعْمل الدَّرْس بهَا أَيَّامًا فِي الْجمع فِي الرَّوْضَة والكشاف ويحضر التصوف كل يَوْم وانتفع فِي جَمِيع مَا أَشرت إِلَيْهِ وَفِي غَيره بصاحبنا النَّجْم بن فَهد الْهَاشِمِي فَإِنَّهُ كَانَ يبرز مَعَه قولا وفعلا فِي المواطن الَّتِي يجبن بهَا غَيره وَيكْتب لأَصْحَابه المصريين وَغَيرهم)

بِمَا يزْدَاد بِهِ قُوَّة ووجاهة حَتَّى كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يغتبط بِهِ بِحَيْثُ قَالَ الْخَطِيب أَبُو الْفضل وددت لَو كَانَ معي وَلَو تخلف عني سَائِر أَصْحَابِي وأقاربي وَلذَا عودي النَّجْم وَمَسّ بالأذى فِي نَفسه وجهاته وَهُوَ لَا ينثنى عَنهُ بل وَصفه بقوله إِمَام عَلامَة مفنن حسن التدريس والتقرير قَلِيل التَّكَلُّف قوي الْفَهم جيد الفطنة متواضع محتشم كثير الْإِنْصَاف مَعَ صِيَانة وَمَعْرِفَة بِالْأَحْكَامِ ودربة فِي الْقَضَاء ووضاءة ومروءة تَامَّة وَفضل جزيل لَا سِيمَا لأَصْحَابه والغرباء وَحسن محاضرة واستحضار لجملة من الْمُتُون والتواريخ والفضائل وَالْأَخْبَار والنوادر والوقائع بل هُوَ نادرة الْوَقْت علما وفصاحة ووقارا وبهاء وتواضعا وادبا وديانة وَلَيْسَ فِي أَبنَاء جنسه مثله انْتهى. وَلم يعْدم من طَاعن فِي علاهُ ظاعن عَن حماه كَمَا هُوَ الشَّأْن من الْجُهَّال فِي ذَوي الْكَمَال فَالنَّاس أَعدَاء لرب فَضِيلَة والإلباس غير مُؤثر فِي الْأَوْصَاف الجليلة وَقد جَاوَرت تَحت نظره غير مرّة وجاوزت فِي اختبار أمره كل مَسَرَّة وَرَأَيْت مِنْهُ مَا زَاد الْحَمد لَهُ بِسَبَبِهِ وَكَاد انْفِرَاده بِمَا يزِيد السَّامع لَهُ من تعجبه وَهُوَ فِي طول صحبتي لَهُ على نمط لم أضبط عَنهُ فِيهَا غير الْجَمِيل فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>