والأبلة الَّتِي تقع على النَّهر الْمُسَمّى بهَا مَدِينَة عامرة وَقد رَأَيْت قُصُورهَا وأسواقها ومساجدها وأربطتها وَهِي من الْجمال بِحَيْثُ لَا يُمكن حَدهَا أَو وصفهَا وَالْمَدينَة الْأَصْلِيَّة تقع الْجَانِب الشمالي للنهر وعَلى جَانِبه الجنوبي يُوجد من الشوارع والمساجد والأربطة والأسواق والأبنية الْكَبِيرَة مَا لَا يُوجد أحسن مِنْهُ فِي الْعَالم وَهَذَا الْجَانِب الجنوبي يُسمى شقّ عُثْمَان والشط الْكَبِير الَّذِي هُوَ دجلة والفرات مُجْتَمعين والمسمى شط الْعَرَب يَقع شَرْقي الأبلة وَالْمَدينَة فِي الْجنُوب ويلتقي نَهرا الابلة وَمَعْقِل عِنْد الْبَصْرَة وَقد ذكرت ذَلِك من قبل
وصف أَحيَاء الْبَصْرَة
وَالْبَصْرَة عشرُون نَاحيَة فِي كل مِنْهَا كثير من الْقرى والمزارع وَهِي حشان شربه بلاس عقر ميسَان الْمُقِيم نهر حَرْب شط الْعَرَب سعد سَام الجعفرية المشان الصَّمد الجونة الجزيرة الْعُظْمَى مروت الشرير جَزِيرَة الْعَرْش الحميدة الحويزة المنفردات
وَيُقَال انه كَانَ من المتعذر فِي وَقت مَا أَن تمر سفينة من فَم نهر الأبلة لعظم عمق مَائه فَأمرت امراة من أثرياء الْبَصْرَة بتجهيز أَرْبَعمِائَة مركب وملأتها كلهَا بنوى التَّمْر وأغرقتها هُنَاكَ بعد أَحْكَام سدادها فارتفع القاع وتيسر عبور السفن وَفِي الْجُمْلَة فقد غادرنا الْبَصْرَة فِي منتصف شَوَّال سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة (٢٠ فبراير ١٠٥٢) فَرَكبْنَا الزورق وسرنا فِي نهر الأبلة ورأينا طوال أَرْبَعَة فراسخ فِي اجتيازه حدائق وجواسق ومناظر لَا تَنْقَطِع على شاطئيه وَيتَفَرَّع من هَذَا النَّهر ترع كل مِنْهَا فِي سَعَة نهر فَلَمَّا بلغنَا شقّ عُثْمَان وَهِي أَمَام الأبلة نزلنَا وأقمنا بهَا وَفِي السَّابِع عشر من شَوَّال (٢٢ فبراير) ركبنَا سفينة تسمى بوصي وَكَانَ النَّاس الكثيرون الواقفون على الْجَانِبَيْنِ يصيحون قائلين سلمك الله يَا بوصي وَقد بلغنَا عبادان فَنزل