لَا أَسْتَطِيع أَن أحدد أَمْوَالهم أَو أحصرها أما الْأَمْن الَّذِي رَأَيْته هُنَاكَ فَإِنِّي لم أره فِي بلد من قبل
وَقد رَأَيْت هُنَاكَ نَصْرَانِيّا من سراة مصر قيل إِن سفنه وأمواله وأملاكه لَا يُمكن أَن تعد وَحدث فِي سنه مَا أَن كَانَ النّيل نَاقِصا وَكَانَت الْغلَّة عزيزة فَأرْسل الْوَزير إِلَى هَذَا النَّصْرَانِي وَقَالَ لَيست السّنة رخاء وَالسُّلْطَان مُشفق على الرّعية فاعط مَا اسْتَطَعْت من الْغلَّة إِمَّا نَقْدا وَإِمَّا قرضا قَالَ النَّصْرَانِي أسعد الله السُّلْطَان والوزير إِن لدي من الْغلَّة مَا يمكنني من إطْعَام أهل مصر الْخبز سِتّ سنوات وَلَا شكّ ان سكان مصر فِي ذَلِك الْوَقْت كَانُوا كثرين فَإِن سكان نيسابور خمسهم مَعَ الْإِسْرَاف فِي التَّقْدِير وكل من يَسْتَطِيع الحكم يدْرك كم يَنْبَغِي أَن يكون لهَذَا الثري لتبلغ غَلَّته هَذَا الْمِقْدَار وَأي سَلام كَانَت فِيهِ الرّعية وَأي عدل كَانَ للسُّلْطَان بِحَيْثُ تكون أَحْوَال النَّاس على هَذَا الْوَضع وَأَمْوَالهمْ بِهَذَا الْقدر لم يكن السُّلْطَان يظلم أَو يجور على أحد وَلَا كَانَ أحد من الرّعية يخفي أَو يُنكر شَيْئا مِمَّا يملك
وَرَأَيْت هُنَاكَ خَانا يُسمى دَار الْوَزير لَا يُبَاع فِيهِ سوى الْقصب وَفِي الدّور الْأَسْفَل مِنْهُ يجلسن الخياطون وَفِي الْأَعْلَى الرفاءون وَسَأَلت الْقيم عَن أُجْرَة هَذَا الخان الْكَبِير فَقَالَ كَانَت سنة عشْرين ألف دِينَار مغربي وَلَكِن جانبا مِنْهُ قد تخرب وَهُوَ يعمر الْآن فَيحصل مِنْهُ كل شهر ألف دِينَار يَعْنِي إثني عشر ألف دِينَار فِي السّنة وَقيل إِن فِي هَذِه الْمَدِينَة مِائَتي خَان أكبر مِنْهُ أَو مثله
وصف مائدة السُّلْطَان
يُقيم السُّلْطَان مأدبة فِي كل من الْعِيدَيْنِ وَيَأْذَن بالاستقبال فِي قصره