لزيارة هَذِه الْعين تقربا إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقد بنيت هُنَاكَ عمارات وأحواض وَلما سرنا من هُنَاكَ بلغنَا سهلا كَسَاه النرجس ثوبا أَبيض وذهبنا بعد ذَلِك إِلَى مَدِينَة تسمى عرقة وَبعد مسيرَة فرسخين مِنْهَا بلغنَا شاطىء الْبَحْر فتبعناه نَاحيَة الْجنُوب حَتَّى بلغنَا مَدِينَة طرابلس بعد مسيرَة خَمْسَة فراسخ
وَمن حلب إِلَى طرابلس أَرْبَعُونَ فرسخا عَن هَذَا الطَّرِيق وَكَانَ بلوغنا إِيَّاهَا يَوْم السبت الْخَامِس من شعْبَان (٦ فبراير) وحول الْمَدِينَة الْمزَارِع والبساتين وَكثير من قصب السكر وأشجار النارنج والترنج والموز والليمون وَالتَّمْر وَكَانَ عسل السكر يجمع حينذاك ومدينة طرابلس مشيدة بِحَيْثُ أَن ثَلَاثَة من جوانبها مطلة على الْبَحْر فَإِذا ماج علت أمواجه السُّور أما الْجَانِب المطل على الْيَابِس فبه خَنْدَق عَظِيم عَلَيْهِ بَاب حديدي مُحكم وَفِي الْجَانِب الشَّرْقِي من الْمَدِينَة قلعة من الْحجر المصقول عَلَيْهَا شرفات ومقاتلات من الْحجر نَفسه وعَلى قمتها عرادات لوقايتها من الرّوم فهم يخَافُونَ أَن يُغير هَؤُلَاءِ عَلَيْهَا بالسفن ومساحة الْمَدِينَة ألف ذِرَاع مربع وأربطتها أَربع أَو خمس طَبَقَات وَمِنْهَا مَا هُوَ سِتّ طَبَقَات أَيْضا وشوارعها وأسواقها جميلَة ونظيفة حَتَّى لتظن أَن كل سوق قصر مزين وَقد رَأَيْت بطرابلس مَا رَأَيْت فِي بِلَاد الْعَجم من الْأَطْعِمَة والفواكه بل أحسن مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute