للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجنوب طبرية بَحر لوط وَهُوَ مالح الْمِيَاه وَيصب بِهِ مَاء بَحر طبرية وَكَانَت مَدِينَة لوط تقع على شاطئه وَلم يبْقى مِنْهَا أثر قطّ وَسمعت من انسان أَن فِي مياه بَحر لوط المالحة شَيْئا كالحجارة السَّوْدَاء غير صلب يشبه الْبَقر يخرج من قاعه فَيَأْخذهُ السكان ويقطعونه ويحملونه إِلَى المدن والولايات وَيُقَال إِنَّه إِذا وضعت قِطْعَة مِنْهُ تَحت شَجَرَة يمْتَنع الدُّود عَنْهَا من غير أَن يمس جذرها أَذَى مِنْهُ فَلَا يتْلف الْبُسْتَان مِمَّا تَحت الأَرْض من دود وحشرات والعهدة على الرَّاوِي وَقيل كَذَلِك إِن العطارين يستخدمونه لِأَنَّهُ يبعد دودة تصيب البذور اسْمهَا النقرة وَفِي طبرية يصنعون الْحَصِير وَمِنْه حَصِير الصَّلَاة وتشتري الْوَاحِدَة مِنْهَا بِخَمْسَة جنيهات مغربية وَفِي الْجَانِب الغربي من الْمَدِينَة جبل فِيهِ قِطْعَة من حجر المرمر مَكْتُوب عَلَيْهَا بِخَط عبري أَن الثريا كَانَت على رَأس الْحمل سَاعَة الْكِتَابَة وَيَقَع قبر أبي هُرَيْرَة خَارج الْمَدِينَة نَاحيَة الْقبْلَة وَلَكِن لَا يَسْتَطِيع أحد زيارته لِأَن السكان هُنَاكَ شيعَة فَإِذا ذهب أحد للزيارة تجمع عَلَيْهِ الْأَطْفَال وتحرشوا بِهِ وحملوا عَلَيْهِ وقذفوه بِالْحِجَارَةِ وَلِهَذَا لم أستطع زيارته سرت بعد ذَلِك إِلَى قَرْيَة تسمى كفركنه بجانبها تل بنيت عَليّ قمته صومعة جميلَة بهَا قبر النَّبِي يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام وَعَلَيْهَا بَاب متين بِقُرْبِهِ بِئْر مَاؤُهَا عذب

وَقد عدت إِلَى عكا بعد زِيَارَة هَذَا المشهد وَبَينهمَا مَسَافَة أَرْبَعَة فراسخ فَمَكثت بهَا يَوْمًا وَاحِدًا ثمَّ غادرتها إِلَى قَرْيَة تسمى حيفا وَفِي طَرِيق بِهِ كثير من هَذَا الرمل الَّذِي يستخدمه صياغ الْعَجم والمسمى بالرمل الْمَكِّيّ وحيفا مشيدة على الْبَحْر وَبهَا نخل وأشجار كَثِيرَة وَهُنَاكَ عُمَّال يصنعون السفن البحرية الْمُسَمَّاة بالجودي وسرنا بعد ذَلِك فَبَلغنَا بعد مسيرَة فَرسَخ وَاحِد قَرْيَة أُخْرَى تسمى كَنِيسَة وَعِنْدهَا ينحرف الطَّرِيق عَن الْبَحْر وَيدخل الْجَبَل نَاحيَة الْمشرق حَيْثُ الصحروات والمحاجر الَّتِي تسمى وَادي التماسيح وَيعود لمحاذاة الشاطىء بعد مسيرَة فرسخين وَهُنَاكَ رَأينَا عِظَام حيوانات بحريّة كَثِيرَة مختلطة بِالتُّرَابِ

<<  <   >  >>