ومدينة مصر ممتدة على شاطئ النّيل الَّذِي بنيت عَلَيْهِ الْقُصُور والمناظر الْكَثِيرَة بِحَيْثُ إِذا احتاجوا إِلَى المَاء رَفَعُوهُ بالحبال من النّيل أما مَاء الْمَدِينَة فيحضره السقاءون من النّيل أَيْضا يحملهُ بَعضهم على الْإِبِل وَبَعْضهمْ على كتفه وَرَأَيْت قدورا من النّحاس الدِّمَشْقِي كل وَاحِد مِنْهَا يسع ثَلَاثِينَ منا وَكَانَت من الطلاوة بِحَيْثُ تظنها من ذهب وَقد حكوا لي أَن امْرَأَة تملك خَمْسَة آلَاف قدر وَأَنَّهَا تؤجر الْوَاحِد مِنْهَا بدرهم فِي الشَّهْر وَيَنْبَغِي أَن يردهَا الْمُسْتَأْجر سليمَة
وأمام مصر جَزِيرَة وسط النّيل كَانَ عَلَيْهَا مَدِينَة فِي وَقت مَا والجزيرة غربي الْمَدِينَة وَبهَا مَسْجِد جُمُعَة وَحَدَائِق وَهِي صَخْرَة وسط النَّهر تقسمه قسمَيْنِ كل مِنْهُمَا فِي اتساع جيحون وَلَكِن أَكثر هدوءا وبطأ فِي جَرَيَانه وَثَبت بَين الجزيرة وَالْمَدينَة جسر من سِتّ وَثَلَاثِينَ سفينة
وَيَقَع جُزْء من مَدِينَة مصر على جَانب النّيل الآخر ويسمونه الجيزلا وَبهَا مَسْجِد لصَلَاة الْجُمُعَة وَلَكِن لَيْسَ لَهَا جسر وَلذَا يعبر النَّاس بالزوار أَو بالمعابر وَهِي كَثِيرَة فِي مصر أَكثر مِمَّا فِي بَغْدَاد أَو الْبَصْرَة