وعندما ينزل الْحَاج من جبل الْمَرْوَة يجد سوقا فِيهَا عشرُون دكانا متقابلة يشغلها جَمِيعًا حجامون لحلق شعر الرَّأْس وَحين يتم الْحَاج شَعَائِر الْعمرَة وَيخرج من الْمَسْجِد الْحَرَام يدْخل السُّوق الْكَبِيرَة الَّتِي تقع نَاحيَة الشرق والمسماة سوق العطارين وَهِي سوق جميلَة البنايات وَكلهَا عطارون
وبمكة حمامان بلاطهما من الْحجر الْأَخْضَر السنان وقدرت أَن سكانها القاطنين بهَا لَا يزِيدُونَ على أَلفَيْنِ وَالْبَاقِي ويقربون من الْخَمْسمِائَةِ من الغرباء والمجاورين وَفِي ذَلِك الْوَقْت كَانَ بِمَكَّة قحط فَكَانَ السِّتَّة عشر منا من الْقَمْح بِدِينَار مغربي وَقد هَاجر مِنْهَا كَثِيرُونَ
وَقد كَانَ لأهالي كل مَدِينَة من خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر وَالْعراق وَغَيرهَا منَازِل بِمَكَّة وَلَكِن أغلبها كَانَ خرابا وقتذاك وَقد بنى بهَا خلفاء بَغْدَاد عمارات كَثِيرَة وأبنية جميلَة وَكَانَ بَعْضهَا وَأَنا هُنَاكَ خربا وَالْبَعْض الآخر اشْتَرَاهُ النَّاس (أصبح ملكا خَاصّا) وَمَاء آبار مَكَّة مالح وَمر لَا يساغ شربه وَلَكِن بهَا كثيرا من الأحواض والمصانع الْكَبِيرَة بلغت تكاليف الْوَاحِد مِنْهَا أَكثر من عشرَة آلَاف دِينَار وَهِي تملأ من مَاء الأمطار الَّذِي يتدفق من الأودية وَكَانَت فارغة وَنحن هُنَاكَ