قالوا: وعاش أبو زبيد الطائي، وهو المنذر بن حرملة من بني حيّة خمسين ومائة سنة، وكان نصرانيا بالرقة فيما حدّث به الكلبيّ عن أبي محمد المرهبيّ، وكان يجعل له في كل أحد طعام كثير، ويهيَّأ له شراب كثير، ويذهب أصحابه يتفرّقون في البيعة، ويحملنه النساء فيضعنه في ذلك المجلس، فجعل له طعام في أحد من تلك الآحاد، وقدِّمت أباريقه وحملته النساء، فجاءه الموت، فقال:
إذا جعل المرءُ الَّذي كان حازما … يحلُّ به حلَّ الحوار ويحمل
فليس له في العيش خيرٌ يريده … وتكفينه ميتا أعفُّ وأجمل
أتاني رسولُ الموت يا مرحبا به … لآتيه وسوف والله أفعل
ثم مات، فجاءه أصحابه، فوجوده ميِّتا.
وعاش الأغلب العجليّ عمرا طويلا، وقال:
إنَّ اللَّيالي أسرعت في نقضي … أخذن بعضي وتركن بعضي
حنين طولي وحنين عرضي … أقعدنني من بعد طول نهضي
قالوا: وقال أبو عامر رجل من أهل المدينة عن رجل من أهل البصرة، قال أبو حاتم، وحدّث به أبو الجنيد الضرير عن أشياخه قال، قال معاوية، إني لأُحبّ أن ألقي رجلا قد أتت عليه سنّ وقد رأى الناس يخبرنا عما رأى.