قالوا: وأوصي سعد العشيرة بنيه لما حضرته الوفاة، فقال:
"يا بني، اتقّوا إلهكم بالليل والنهار، وإيّاكم وما يدعو إلى الاعتذار، ودعوا قفو المحصنات تسلم لكم الأمهات، وإياكم والبغي على قومكم تعمر لكم الساحات، ودعوا المراء والخصام تسلم لكم المروءة والأحلام، تحبَّبوا إلى العشائر تهبكم العمائر، وجودوا بالنوال تنم لكم الأموال، وإياكم ونكاح الورهاء فإنها أدوأ الداء، وأبعدوا من جار السوء داركم، ومن قرين الغيّ مزاركم، ودعوا الضغائن فإنها تدعو إلى التباين، ولا تكونوا لآبائكم ضرَّارا، حيّاكم ربكم، وسدّد أمركم ".
قالوا: وجمع الحارث بن كعب بنيه حين حضرته الوفاة، فقال:" يا بني، عليكم بهذا المال فاطلبوه أَجمل الطلب، ثم اصرفوه في أجمل مذهب، فصلوا به الأرحام، واصطنعوا منه الأقوام، واجعلوه جنة لأعراضكم تحسن في الناس قالتكم، فإن بذلة تمام الشرف، وثبات المروءة، وإنه ليسود غير اليد، ويؤيّد غير الأيَّد حتى يكون عند الناس نبيلا نبيها، وفي أعينهم مهيبا؛ ومن اكتسب مالا فلم يصل به رحما، ولم يعط منه سائلا، ولم يصن به عرضا بحث الناس عن أصله، فإن كان مدخولا هرتوه وهتكوه، وإن لم يكن مدخولا ألزموه ودبّيه، واكسبوه عرقا لئيما حتى يهجّنوه به ".