للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: فلما غيَّبه الحسن بن علي، ، صعد المنبر، فجعل يريد الكلام، فتخنقه العبرة.

"قال رجل: فرأيته كذلك وأنا في أصل المنبر أنظر إليه، وكنت من أَنزر الناس دمعه، ما أقدر أن أبكي من شيء، فلما رأيت الحسن يريد الكلام، وتحنقه العبرة " صرت بعد من أغزر الناس دمعة، ما أشاء أن أبكي من شيء إلا بكيت.

قال: ثم إن الحسن انطلق، فقال، الحمد لله رب العالمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون، نحتسب عند الله مصابنا بأبينا رسول الله ، فإنا لن نصاب بمثله أبدا، ونحتسب عند الله مصابنا بخير الآباء بعد رسول الله ، ألا إنِّي لا أقول فيه الغداة إلا حقا، لقد أصيبت به البلاد والعباد والشجر والدواب، فرحم الله وجهه، وعذب قاتله.

ثم نزل، فقال: عليَّ بابن مُلجم.

فأتى به.

فإذا رجل واضح الجبين والثَّنايا، له شعر وارد " يعني طويلا " يخطر به حتى وقف، فلم يسلِّم.

فقال: يا عدوّ الله، قتلت أمير المؤمنين، وخير الناس بعد رسول الله .

فقال: يا حسن، دعني من كلامك هذا، هل لك في أَمر أَعرضه عليك، لا بأس لك به إن قبلته.

قال: وما هو؟ قال: أسير إلى معاوية بالشام، عدوّ أبيك فأَروم قتله، فإن قتلته كنت قد قتلت أَعدى الناس لكم، وإن لم أقتله قُتلت فأنا مقتول في كلتا الحالتين.

قال: لا والله يا عدوّ الله حتى أنفذ فيك ما أمرني به أمير المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>