قال: لا إلا بكتاب الله وسنّة نبيه، آخذهم به وأقتلهم عليه.
قال: يا يزيد، انقطع منك الرجاء، أظنك ستخالف هؤلاء، جميعا، فتقتل خيار قومك، وتغزو حرم ربك بأوباش الناس، فتطعمهم لحومهم بغير الحق فتدركك مرّته فجأة، فلا دنيا أصبت ولا آخرة أدركت.
يا يزيد، إذا لم تصب الرشد وتطلع ذا الحق فإني قد أوطأت لك المنابر، وأذللت لك أهل العز، وأخضعت لك رقاب العرب، وكفيتك الرحلة والترحال، وجمعت لك ما لم يجمع واحد، وإني لست أخاف أن ينازعك في هذا الأمر إلا ثلاثة نفر، الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير.
فأما ابن عمر فرجل وقذته العبادة، وتخّلى من الدنيا وشغل نفسه بالقرآن، ولا أظنه يقاتل إلا أن يأتيه الأمر عفوا، وأما الذي يجثم جثوم الأسد، ويروغ روغان الثعلب، وإن أمكنته فرصة وثب فابن الزبير، فإن هو فعل فاستمكنت منه فقطِّعه إربا إربا إلا أن يلتمس منك صلحا، فإن فعل فاقبل منه، واحقن دماء قومك تقبل قلوبهم إليك، وأما الحسين بن علي فإن له رحما وحقا وولادة من رسول الله ﷺ، ولا أظن أهل العراق تاركيه حتى يخرجوه عليك، فإن قدرت عليه فاصفح عنه، فإني لو كنت صاحبه لعفوت عنه.
وحدثونا، أنه كان عند معاوية خمسة رهط حين حضرته الوفاة، الضحاك ابن قيس الفهريّ، ومسلم بن عقبة المرّي، وثور بن معن السلميّ، وزياد بن عمرو ابن معاوية العقيلي، والنعمان بن بشير الأنصاري، فقال: " بلّغوا يزيد عني السلام، وقولوا له، انظر أهل الحجاز فإنهم قومك وعشرتك، فأكرم من قدم عليك منهم، وصل من غاب، وانظر أهل الشام فإنهم جندك، فأكرمهم، وإذا هاجك هيج فارمه بهم، فإن فتح عليك فارددهم إلى بلادهم، فإنهم إن يسكنوا بغير بلادهم أخذوا بغير أخلاقهم.