للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" اسمعوا مني، فإني أرى أمري بعد اليوم صائر لغيري، وقد زعم أهلي أنهم خافوا على الوهم، وأنا اليوم خبير بصير، إن النصيحة لا تهجم على فضيحة، أما أول ما أنهاكم عنه فأنهاكم عن محاربة الملوك، فإنهم كالسَّيل بالليل، لا تدري كيف يأتيه، ولا من أين يأتيك، وإذا دنا منكم الملك واديا فاقطعوا بينكم وبينه واديين، وإن أجدبتم فلا ترعوا حمى الملوك وإن أذنوا لكم، فإن من رعاه غانما لم يرجع سالما، ولا تحقرن شرا فإن قليله كثير، واستكثروا من الخير فإن زهيده كبير، اجعلوا السلام محياة بينكم وبين الناس، ومن خرق ستركم فارقعوه، ومن حاربكم فلا تغفلوه، وروا منه ما يرى منكم، واجعلوا عليه حدَّكم كلَّه ومن تكلَّم فاتركوه، ومن أسدى إليكم خيرا فاضعوا له، وإلا فلا تعجزوا أن تكونوا مثله، وعلى كل إنسان منكم بالأقرب إليه، يكفي كلُّ إنسان ما يليه، وإذا التقيتم على حسب فلا تواكلوا فيه، وما أظهرتم من خير اجعلوه كثيرا، ولا ير رفدكم صغيرا، ولا تنافسوا السؤدد، وليكن لكم سيِّد، فإنه لابد لكل قوم من شريف، ومن كانت له مروءة فليظهرها، ثم قومه أعلم، وحسبه بالمروءة صاحبا، ووسعوا الخير وإن قلَّ، وافنوا السرَّ يمت، ولا تنكحوا دنيا من غيركم فإنه عار عليكم، ولا يحتشمنَّ شريف أن يرفع وضيعه بأياماه، وإياكم والفاحشة في النساء فإنها عار أبدٍ وعقوبة غدٍ، وعليكم بصلة الرحم فإنها تعظم الفضل وتزين النسل، وأسلموا ذا الجريرة بجريرته، ومن أبى الحق فاعلقوه إياه، وإذا عييتم بأمر فتعاونوا عليه تبلغوا، ولا تحضروا ناديكم السَّفيه، ولا تلجوا بالباطل فيلجّ بكم ".

قالوا: وعاش ابن حممة الدوسي، واسمه كعب، أو عمرو، أربعمائة سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>