للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا مرَّ نعش قيل نعش مسافعٍ … ألا لا بودي لو بني لي لاحدُ

يظنون أني بعد أَوَّلَ ميَّت … فأبقى ويمضي واحدٌ ثمَّ واحدُ

فقالوا له لمَّا رأَوا طولَ عمره … تأتَّ لدار الخُلد، إنَّك خالدُ

غضاب عليَّ أَن بقيت وإِنَّني … بودِّي الَّذي يهوون لو أَنا واجدُ

"أضمر الهاء، يقول، لو أنا واجده ".

قالوا: ومن المعدودين في المعمربدين من قضاعة زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بم عوف بن عذرة بن زيد الله بن رفيدة بن كلب بن وبرة، عاش أربعمائة سنة وعشرين سنة، وأوقع مائتي وقعة، وكان سيدا مطاعا شريفا في قومه؛ ويفد قال، كانت فيه عشر خصال، ولم يجتمعن في غيره من أهل زمانه: كان سيد قومه، وخطيبهم، وشاعرهم، ووافدهم إلى الملوك، وطيبهم - والطب في ذلك الزمان شرف -، وحازى قومه - والحزاة الكُهّان -، وكان فارس قومه، وله البيت فيهم، والعدد منهم.

فبلغنا أنه عاش حتى هرم وغرض من الحياة، وذهب عقله، فلم يكن يخرج إلا ومعه بعض ولده، أو ولد ولده.

وأنه خرج ذات عشيّة إلى مال له ينظر إليه، فأتبعه بعض ولده، فقال له: ارجع إلى البيت قبل الليل، فإني أخاف أن يأكلك الذئب.

فقال: فقد كنت، ما أخشَّى الذئب.

فذهبت مثلا.

ويقال: إن هذا هو خفاف بن عمير السُلَميّ، وهو ابن ندبة السُّلمىّ قال أبو حاتم: وذكر ابن الكلبي أن هذا مما حفظ عن من تثق به من الرواة.

<<  <  ج: ص:  >  >>