للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طالعاتٌ مع السقاةِ علينا ... فإذا ما غربن يغربن فينا

لو ترى الشرب حولها من بعيدٍ ... قلت قومٌ من قُرةٍ يصطلونا

وغزالٍ يديرها ببنانٍ ... ناعماتٍ يزيدها العمرُ لينا

كلما شئتُ علني برضابٍ ... يترك القلب للسرور قرينا

ذاك عيشٌ لو دام لي غير أني ... عفتُهُ مُكرها وخفت " الأمينا "

وقال: وبكر سلافةٍ من بيت حانٍ لها درعان من قارٍ وطين

تحكم علجها إذ قلتُ سُمني ... على غير البخيل ولا الضنين

فضضت ختامها والليل داجٍ ... فدرَّت درة الودج الطعين

بكفِّ أغن مختضب بناناً ... مُذال الصدغ مضفور القرون

لنا من بعينيه عِداتٌ ... يخاطبنا بها كسر الجفون

كأن الشمس مقبلةٌ علينا ... تمشى في غلائل ياسمينِ

وقال:

وخرقٍ يجل الكأس عن منطق الخنا ... وينزلها منه بكل مكان

تراه كما شاء الندامى ابن علةٍ ... وللشيء لذوه رضيع لبان

إذا هو لقى الكأس يمناه خانها ... أماويت منها وارتعاش بنان

تمتعتُ منه ثم أقصر باطلي ... وصممت كالجاري بغير عِنان

وقال:

لا تبك للذاهبين في الظعنِ ... ولا تقف بالمطيِّ في الدمن

وعج بنا نصطبح معتقةً ... من كف ظبي يسقيكها فطنِ

ما تبصر العين منه ناحيةً ... إلا أقامت منه على حسن

قال له الله كن على قدرٍ ... في الحسن بين الهزال والسِّمنِ

تخبر عن طرفه محاسنه ... مكتحل الناظرين بالفتن

تعقد زناره أنامله ... في الخصر بين الكثيب والغُصنِ

نازعته الراح وهي مثل دم الشادن تنفي طوارق الحزن

قلتُ له والكرى يجشمه ... هل لك في النوم، قال: لم يحنِ

حتى إذا ما النعاس أقصده ... نام فنلت المأمول من سكني

كأننا والعناق يجمعنا ... تحت الدجى، طائران في غُصن

فلم أقل بعد ما ظفرت به ... يا ليت ما كان منه لم يكنِ

لا تركبن اللذات مختفياً ... وامضِ إليهن خالعَ الرَّسَنِ

وقال:

ذراني أُبادر ما هويت ذراني ... فقد ملكت أيدي المجون عِناني

وشأنكما والرشد فاعتصما به ... ولا تعذلاني، فالغواية شاني

فما العيش إلا في مُدام تحثها ... مثالث يهدمن الأسى ومثاني

عقار كعين الديك في فرط نورها ... وإغشائها العينين باللمعان

لها حببٌ يحكي رؤوس أسنةٍ ... تجمعن في بحرٍ من الدم قان

تراها حذار الماء حين يشوبها ... كقلب محبٍّ دائم الخفقان

وقال تميم بن المعز:

ومعشوق اللمى خنث الجفون ... كذوب الوعد معتل اليمين

أتاني والدجى حلك الخوافي ... كأن نجومه زرقُ العيون

فلما توج اليُسرى بكأسٍ ... وصار الرطل قرطاً لليمين

سقاني مثل خديه مداماً ... تُلين جوانب الدهر الحرون

كأن الراح وردة جلنارٍ ... تبدلت في غلالةِ ياسمين

وقال بعض إخوانه وقد تنزه في البستان المعشوق فكتب بها إليه:

قل للأمير ابن الإمام الذي ... أمننا من نائبات الزمان

لو صورت أخلاقُك الغُرُّ ما ... أصبحن إلا أوجُها للحِسان

نحن من " المعشوق " في لذةٍ ... زادت على لذةِ طيب الأمان

فأي شيءٍ ابتدي وصفه ... منه وقد أفرط في كل شان

نلقى الصِّبا فيه بحرِّ الصِّبا ... ونطرد الهمَّ ببنت الدنان

صفراء لولا طيبُ أنفاسها ... غابت عن الحس ولطف العِيان

نشربها صرفاً ومزجاً وما ... لنا سوى المثلث من تُرجمان

فأجابه:

لا تقتل الأحزان إلا بما ... أودعه الإبريق دمع الدِّنان

<<  <   >  >>